نظرية الامن "الإسرائيلية"
علي سعيد عرفات-غزة
واجهت "إسرائيل" تحدياً
كبيراً للحفاظ على أمنها رغم ذلك، فهي لم
تقم أبداً بالإعلان عن جميع عناصر نظريتها الأمنية.
غير أن تعاطيها مع تلك التحديات لم يكن أبداً عشوائياً، حيث توجد
مجموعة من المفاهيم الأمنية التي ساعدت في التعرف على السلوك الإسرائيلي فيما
يتعلق بالصراعات الصغرى والكبرى والحروب التي تستخدم فيها أسلحة الدمار الشامل،
علماً بأن الجانب العملياتي "لبعض هذه المفاهيم ظل
مستقراً" على مدى الأيام، بينما تطورت مفاهيم أخرى لتتماشى مع الظروف
الداخلية والخارجية المستجدة للدولة.
تكاد لا توجد هناك دولة، في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية،
قلقت على أمنها القومي أكثر من "إسرائيل"، فلقد خاضت إسرائيل منذ نشأتها قبل نصف قرن حروباً شاملة ضد جيرانها
العرب.
خاضت حرب 1948-1949، ثم حملة سيناء 1956، وحرب عام 1967 وحرب
الإستنزاف عام 1969 وحرب 1973 ثم حرب عام 1982.
بمعنى آخر، خاضت "إسرائيل" كل عشر سنوات حرباً شاملة خلال العقود الخمسة من عمرها، علاوة على
ذلك ورغم معاهدتي السلام الرسميتين بين "إسرائيل" من جهة ومصر والأردن من جهة أخرى، وكذلك تفوقها بلا منازع في مجال
الأسلحة التقليدية، فقد ظل تهديد نشوب حرب "إسرائيلية"-عربية تهديداً حقيقياً لغاية الآن.
تجارب الدولة وقت الحرب ووقت السلم ساعدت في تشكيل نمط هذه المفاهيم.
وبما أنها تطورت خلال منعطفات زمنية متعددة ولم تدمج ضمن قضايا مرتبطة
ببعضها تمام الإتباط كنظرية أمنية قومية متناسقة ومرتبة، فقد وجهت هذه المفاهيم وقادت
التفكير والسلوك الإسرائيلي منذ نشأة الدولة لدرجة أنه يمكن تنظيمها وتنسيقها في
إطار خاص وتحت عناوين ثمانية متميزة وهي: الجغرافيا، القوة البشرية، الكم ضد
النوع، المناورة الهجومية، الردع، التهديد التقليدي في مواجهة التهديد غير
التقليدي، الإعتماد على النفس ودعم القوة العظمى.
فتعرف النظرية على انها "مَجموع الأَفكار والآراء المَطروحة
المُتعلِّقة بموضوع مُعيَّن".[1]
ويعرف الأمن بأنه: "حالة من الإحساس بالطمأنينة والثقة التي تدعو بأن هناك
ملاذًا من الخطر” أو أنه :" يَخُل من
وجود تهديد للقيم الرئيسة (سواء أكانت قيمًا تتعلق بالفرد أو بالمجتمع)".[2]
يُعرِّف مفهوم الأمن القومي تعريفاً ضيقاً، إذ أن النظرية الأمنية
بمعناها الفضفاض تضم في طياتها كافة السياسات العسكرية والسياسية والإقتصادية
والإجتماعية ويتضح منها أنها تهدف إلى حماية وتعزيز المصالح الأمنية القومية
للدولة.
مفهوم الأمن القومي ينحصر في مجال الدفاع القومي مع أنه يركز على
النظرية العسكرية الإسرائيلية.
نشأة نظرية الأمن الإسرائيلي
إن نظرية الأمن، التي وضعها منذ أكثر من 40 سنة بن جوريون، أرادت أن تجيب
على سؤال مصيري لإسرائيل، وهو كيفية تحقيق الأمن لشعب قليل العدد، يواجه كثرة
معادية. فالبيئة العربية معادية لوجود إسرائيل. وفي معظم الحالات، أخذ بن جوريون
في الحسبان ضعف إسرائيل في القوة البشرية (ديموجرافية السكان مقارنة بالشعوب
العربية)، ومساحتها الضيقة، وكذلك مواردها المادية المحدودة. وهو ما أدى به إلى
الاتجاه نحو عدد من المبادئ، شكلت ركائز نظرية الأمن، أبرزها:
1. أن كل الشعب
هو جيش (الشعب المسلح).
2. نقل الحرب
إلى أرض العدو.
ومنذ
الخمسينيات لم يطرأ تغيير حاد في المبادئ العامة للنظرية. فقد عززت الحروب، التي
دارت من آراء واضعي النظرية، لذلك بقيت سارية المفعول، في مجملها، عدا بعض التطوير
والإضافات، عقب كل حرب شهدتها المنطقة (حرب عام 1967 وعام 1973 وحرب الخليج). ونجم
عن أخطاء في تطبيق النظرية وليس بسبب أخطاء في النظرية نفسها، العديد من الصعوبات
في الحروب. التغيير البارز، الذي حدث منذ الخمسينيات، كان في حجم ونوع نظم التسليح
والمعدات، والتطور الكبير فيهما، وما لهذين العنصرين (الحجم والنوع) من انعكاسات
على أسلوب إدارة الجولات العربية الإسرائيلية، ومن ثم على التطبيق الفعلي لنظرية
الأمن.
وتحذّر نظرية الأمن الإسرائيلية، من تعرض إسرائيل لحرب استنزاف طويلة، لذلك
تؤكد أن يكون لدى جيش الدفاع الإسرائيلي قوة، يمكنها، توجيه ضربات قوية، تخترق
فيها الخطوط الدفاعية "للعدو"، بالقوات البرية والقوات الجوية، والقضاء
على الرغبة في الاستمرار في القتال. وقد فرض هذا الفكر، على إسرائيل، أن تكون
حروبها قصيرة ومدمرة للأفراد والمعدات . كذلك، من الضروري توفر المرونة، من خلال
القدرة على إيقاف العدو، أو احتوائه، ولو لفترة مؤقتة، لإعادة التوازن إذا اختل
(على أي جبهة من الجبهات العربية)، وهو ما حققته إسرائيل بنجاح في حرب عام 1973،
فعلى الرغم من نجاح العرب على جبهتي قناة السويس والجولان، إلا أن "إسرائيل"
نجحت في الاحتواء وعدم الانهيار.
وتفرض نظرية الأمن الإسرائيلي، على جيش الدفاع الإسرائيلي، أن يكون قادرا
على تنفيذ ما يكلف به من مهام وحتى يتمكن من تنفيذ ذلك، مغلية الإبقاء على تفوقه
الكمي والنوعي، طبقاً لما تمليه التطورات التكنولوجية لذلك، اعتمد الفكر
الإسرائيلي للتخطيط في المجال الإستراتيجي، على العديد من الأسس، أبرزها حاجة
المجتمع للأمن، نتيجة لطبيعة نشأة الدولة، وخصائصها (البشرية، الجغرافية،
الاجتماعية، مواردها الطبيعية، علاقاتها الدولية)، وصياغة ركائز نظرية الأمن،
لتحقيق أهداف الدولة العليا كما تَطّلَبْ طموح واتساع أبعاد المخطط الصهيوني، أن
يعتمد في تحقيق أهدافه على التدرج المرحلي، والانتقال المتتالي من هدف لآخر،
وصولاً إلى الغاية الوطنية، التي تنشدها "إسرائيل" كما يقضي بتوظيف
التفوق العسكري "الإسرائيلي"، لتحقيق التوازن والاستقرار في المنطقة من
المنظور "الإسرائيلي" كذلك ربط مفهوم الاستقرار، بالردع والقدرة على
التهديد، ثم إجبار الطرف الآخر على الاستجابة لما تراه "إسرائيل" من
مركز القوة، حيث تسمح النظرية بقصر التنازلات الإقليمية على الأراضي ذات الأهمية
الإستراتيجية المحدودة، أو تلك التي يمكن تعويضها من خلال التطور النوعي في نظم
التسليح.[3]
ركائز النظرية الأمنية
"الإسرائيلية"
أصدرت الجمعية
العامة للأمم المتحدة في التاسع والعشرين من تشرين ثاني عام 1947 قرار تقسيم
فلسطين الانتدابية إلى دولتين عربية ويهودية وإقامة تعاون اقتصادي بينهما مستقبلاً
وتدويل مدينة القدس[4].
رفضت الدول
العربية وبخاصة دول الطوق العربي قرار التقسيم على أرضية أن هذا القرار يجيز و
يسمح بتهجير شعب من أرضه ووطنه وزرع شعب آخر بدلاً منه على أسس عنصرية مرفوضة، و قد تعهدت الدول العربية بضرورة استرجاع
فلسطين كلها و طرد اليهود منها تمهيداً لإقامة دولة عربية فوق التراب الفلسطيني. و
تنفيذاً لهذا القرار، أصدر بن غوريون – مؤسس الدولة اليهودية في فلسطين – بياناً
متضمناً إعلان قيام دولة إسرائيل في الخامس عشر من أيار عام 1948 وهو التاريخ نفسه الذي أعلنت فيه بريطانيا سحب قواتها من فلسطين، و
إنهاء انتدابها لها وفي الوقت الذي كان فيه بن غوريون
يعلن قيام الكيان اليهودي في فلسطين، بدأت الجيوش العربية – مصر وسوريا والعراق
والأردن – بالزحف نحو فلسطين لتحريرها من اليهود، و لدعم المجهود العسكري
والميداني للسكان العرب الفلسطينيين الذين كانوا منغمسين في ثورات مسلحة ضد الانتداب
البريطاني وضد اليهود، كما أن القوة العربية كانت تهدف لحماية المدنيين
الفلسطينيين من الجرائم و المذابح التي بدأت ترتكب ضدهم من قِبل عصابات يهودية و
صهيونية من أمثال الهاغاناه والشتيرن والبالماخ
الركيزة (1) الهجرة
بعد سيطرة
إسرائيل على أكثر من 77% من مساحة فلسطين التاريخية، أي بزيادة 22% على المساحة
التي خصصها لها قرار التقسيم، قام جنرالات المنظمات الصهيونية والآباء المؤسسون
للدولة العبرية بصياغة نظريتها الأمنية والعسكرية والاستراتيجية. من العوامل
الهامة التي أخذت تزعج خبراء الأمن الإسرائيليين الجغرافيا ووضعية إسرائيل
الجيوسياسية لا سيما أنها محاطة بدول عربية
تطوقها من كل النواحي وترفض الاعتراف بوجودها والتعامل معها. عانت إسرائيل بعد
قيامها من ضيق العمق الاستراتيجي بسبب عوامل جغرافية إذ أن المساحة الفاصلة بين
الساحل التي تحتله إسرائيل ومدينتي طولكرم وقلقيليه على سبيل المثال لا يتعدى بضعة أميال، وهذا ما دفع إسرائيل إلى تبني استراتيجية توسعية
و عدوانية و استيطانية في السنوات التي تلت إنشائها من هنا غيّرت حرب عام 1967 من الوضع الإقليمي للصراع "الإسرائيلي" العربي بطريقة
جذرية لأن إسرائيل لم تستطع فقط تحطيم القدرات العسكرية لكل من سوريا ومصر
والأردن، ولكنها أضافت مساحات كبيرة وقعت تحت السيطرة الإسرائيلية المباشرة، و
تمثلت باحتلال الضفة الغربية و قطاع غزة و سيناء و الجولان.
يضاف إلى ذلك
إدماج المنظمات الصهيونية العسكرية ( الهاغاناه و شتيرن و الارغون ) في وحدات
الجيش الإسرائيلي الذي أصبح مسلحاً بأحدث الأسلحة و التقنيات العسكرية[5].
أما المشكلة
الأخرى التي أرقت مضاجع اليهود بُعيد قيام "إسرائيل" فتمثلت في
السكان والقوة البشرية اللازمة لمحاربة العرب و تهجيرهم من أراضيهم، فضلاً عن دور
السكان في إحداث التنمية الشاملة حتى تبقى إسرائيل في وضع تستطيع فيه الدفاع عن
نفسها ومن هنا فقد اهتمت "إسرائيل" بتكثيف حملات
الهجرة اليهودية إليها و تشجيعها لا سيما بين أوساط اليهود الأوروبيين الشرقيين وأقامت لهم المستوطنات على الساحل الفلسطيني وعلى طول الحدود المحاذية
للدول العربية المجاورة حتى تكون هذه المستوطنات خطوط دفاع متقدمة لمواجهة أية
هجمات عربية مفاجئة و قد حدد بن غوريون استراتيجية إسرائيل الأمنية في هذه الفترة
بمجموعة من النقاط:
1.الهجرة
اليهودية ضرورية لاستتباب الأمن والاستقرار في إسرائيل
2.إصلاح
الأراضي القاحلة خاصة في الجنوب من أجل استغلالها لإسكان المهاجرين اليهود
3.سيطرة
إسرائيل الكاملة على البر والجو والبحر
4.بناء جيش قوي
متعدد الوحدات وحديث التسلح .
علق بن غوريون
على القضية الديموغرافية في إسرائيل بطريقة متوجسة لأن تعداد اليهود في عام 1948
وصل إلى حوالي 650 ألف وهذا بالطبع انعكس على أعداد اليهود الذين يدخلون إلى
الوحدات القتالية في الجيش الإسرائيلي.
كما أن بن
غوريون أدرك أن المشكلة السكانية في "إسرائيل" ستتضاعف وتتأزم أكثر إذا ما أضيف ملايين العرب الساكنين في الدول العربية
إلى أعداد الفلسطينيين العالية أصلاً داخل فلسطين.[6]
إستطاع "الإسرائيليون" تذليل هذه العقبة الديمغرافية عن طريق
تحويل الجيش إلى أشبه ما يكون بالمليشيات المسلحة إبان الحرب.
أما في وقت السلم (أي في ظل غياب حرب شاملة) فإن جيش الدفاع سيكون مؤلفا من
عدد قليل من الجنود المحترفين يساندهم عدد أكبر من المجندين في الخدمة العسكرية
الإلزامية على أن ينضم إلى هؤلاء المجندين والمحترفين عدد محدود من الإحتياط الذي
يتعين على الجندي فيه قضاء عدة شهور في الخدمة العسكرية سنوياً كلٌ حسب الحالة
الخاصة به.
كل مواطن "إسرائيلي"، رجلاً كان أو إمرأة، هو بمثابة إحتياط بعد
إنهاء خدمته العسكرية الإلزامية ما لم ينضم أو تنضم إلى الخدمة النظامية.
ساعدت الهجرات
اليهودية المتتالية في تملك نفس المساحات والمدن والقرى الفلسطينية التي تم
إخلاؤها وتهجير سكانها، حيث استخدمت هذه الأراضي الجديدة لبناء مستوطنات محصنة
للدفاع عن المناطق الساحلية الحيوية التي ضمت المراكز السكانية الصناعية خاصة في
حيفا وتل أبيب والقدس وعلى طول الساحل الفلسطيني، وبفعل
هذه الهجرات وصل عدد السكان اليهود في فلسطين إلى أكثر من مليون يهودي خلال فترة
قصيرة (28).
الركيزة (2) تفتيت وحدة
الصف العربي
شكلت المرحلة الأولى من حرب عام 1948، تهديداً خطيراً على قيام إسرائيل على
الرغم من التنسيق المحدود للجهود العسكرية العربية ضدها[7].
وفرض ذلك على "إسرائيل"، منذ البداية، ضرورة العمل على تفتيت
وحدة الصف العربي، بكل الطرق المشروعة، وغير المشروعة، سواء كانت منفردة، أو
بالتعاون مع القوى العظمى والكبرى.
فقد كانت "إسرائيل"، تعلم استحالة تحقيقها للتوازن الإستراتيجي
مع العرب مجتمعين، لذلك وضعت نصب عينيها، العمل بصفة مستمرة على تفتيت وحدتهم، حتى
يمكنها تحقيق التفوق عليهم فرادى وقد اعتبرت إسرائيل ذلك أحد العناصر الرئيسية
لنظرية أمنها، التي مازالت تعتنقها حتى اليوم.
الركيزة (3) الحرب التي
تخوضها "إسرائيل" سريعة وخاطفة
أدى نقص القوى البشرية، إلى استحالة استمرار حالة التعبئة العامة في "إسرائيل"
لفترة طويلة، إذ يؤدى ذلك إلى إحداث شلل شبه تام في الحياة الاقتصادية، لارتفاع
نسبة قواتها العاملة عند التعبئة الكاملة وقت الحرب (تصل إلى 40%)، مما يستحيل معه
خوضها حرباً طويلة الأمد. إضافة إلى أن مواردها الطبيعية والاقتصادية لا تسمح لها
بتحمل تكلفة حرب طويلة.[8]
لذلك استندت نظرية الأمن "الإسرائيلي" إلى عقيدة الحرب القصيرة،
بالاعتماد على جيش عامل صغير، وجيش احتياطي كبير، يمكن تعبئته في الوقت والمكان
المناسبين.
بما أن الإقتصاد "الإسرائيلي" حساس جداً بشكل خاص لتأثير الحروب،
علاوة على ذلك، فإن صغر حجم السكان يولدان حافزاً قوياً جداً أيضاً
لإنهاء الحروب بأقصى سرعة ممكنة لتفادي أقل قدر من الخسائر البشرية، كما
أدركت "إسرائيل"أن إنهاء الحرب بسرعة يقلل من احتمال التدخل السياسي والشعبي الأجنبي لصالح العرب.[9]
لم توفر المناورة الهجومية حلاً خلاقاً لمشاكل إسرائيل الإقليمية
والإقتصادية والبشرية والسياسية فحسب بل أيضاً لعبت دوراً هاماً في دعم القوة
العسكرية للجيش الإسرائيلي في مواجهة الجيوش العربية، فضلاً عن أن هذا النمط من
الحرب يساعد ويدعم مبدأ النوعية.
ترتكز المناورة الهجومية على سرعة الحركة وهذه ميزة لابد أن يتمتع بها
المقاتل المدرب جيداً وذو القيادة والدفاعية الجيدة أيضاً، وبالتالي
فإن تأثير العدد على نتيجة هذا النمط من الحرب يقل بكثير عن تأثيره على نتيجة حرب
الإستنزاف.
ومن الأمثلة عززت الانتصارات الساحقة التي حققها سلاحي الجو والمدرعات إبان حرب
عام 1967 بشكل كبير من هذه النظرية.
الركيزة (4) ضمان مؤازرة
حليف قوى
يرتبط ذلك
بطبيعة نشأة إسرائيل وتطورها في المنطقة، إذ ظل "ديفيد بن جوريون"
أسيراً لفكرة ضرورة خلق تحالف بين إسرائيل وإحدى القوى العظمى، وكان ذلك نتيجة
طبيعية لكونها جسما دخيلاً، ومن هنا لم يكن أمامها إلا الارتباط العضوي كأي كائن
طفيلي، بجسم آخر قوى، كي يستمد منه أسباب الأمن والحياة.[10]
كان الاعتماد
في مرحلة ما قبل الاستقلال، على نفوذ المملكة المتحدة في المنطقة، وهي التي منحت
اليهود وعد بلفور، ورعتها إلى أن قامت الدولة عام 1948واستمرت إسرائيل في تبني تلك
العقيدة، حتى كان العدوان الثلاثي عام 1956، إذ اعتمدت على كل من فرنسا وإنجلترا،
وأصبحت فرنسا بعد ذلك هي المورد الرئيسي للسلاح لإسرائيل.
وأجبر الضغط
الذي مارسته الولايات المتحدة الأمريكية، إسرائيل على الانسحاب الكامل من سيناء،
ووعت الدرس فكان أن اتجهت إلى إعادة بناء علاقاتها ومصالحها المشتركة مع الولايات
المتحدة الأمريكية، التي قدمت لها كل دعم سياسي وعسكري واقتصادي.
عناصر نظرية الأمن "الإسرائيلية"
الاعتماد على الذات
كان لا بد
لإسرائيل، كي تؤكد وجودها في المنطقة، وتحقق أهدافها في إسرائيل الكبرى، أن تحاول
تنفيذ ضرباتها التوسعية الخاطفة، وتأمين هذه المكتسبات الإقليمية، بالاعتماد على
الحد الأقصى لقواها العسكرية الذاتية، التي تمكنها من تنفيذ أهدافها، دون
الاستعانة بقوي خارجية (كما حدث في العدوان الثلاثي على مصر عام 1956).
إذ يُخشى في
حالة الاستعانة بدولة كبرى، في كل حرب هجومية تخوضها إسرائيل، أن يفشل المشروع
الصهيوني في تحقيق توسعاته، نظراً لما سيترتب على ذلك من احتمالات ممارسة ضغوط
عليها، يمكن أن تحد من حرية حركتها (مثل ما حدث عقب حرب عام 1956، حينما مارست
الولايات المتحدة الأمريكية ضغوطاً على إسرائيل، أدت إلى انسحابها من كل الأراضي
التي احتلتها، وحرمتها من ثمار النصر كما تدعي).[11]
لذلك، أُعد
الجيش الإسرائيلي عقب حرب 1956، كجيش هجومي. وأعطيت الأولوية في تسليحه وتنظيمه
وتدريبه، لأسلحة الطيران والمدرعات، والقوات المحمولة جواً. واحتلت أسلحة المشاة،
والمدفعية، والدفاع الجوي والبحري، مرتبة تالية. كما تضاءل دور قوات الدفاع
الإقليمي (الناحال، وما إلى ذلك من تنظيمات عسكرية)، الذي كان مهماً للغاية، خلال
عام 1948 والسنوات، التي تلتها حتى حرب 1956 تقريباً، نتيجة لتطور تسليح الجيش
الإسرائيلي، الذي يوفر قوة نيران أكبر، وإمكانات مناورة أفضل، ويتطلب مستوى أرقى
من التدريب، والإلمام التقني بالأسلحة والمعدات. من وجهة أخرى فإن تطور تسليح
الجيوش العربية، والزيادة الضخمة في حجم الدبابات والمدفعية والطائرات، التي طرأت
عليها منذ حرب 1948، نتيجة للدعم العسكري السوفيتي، جعل من غير الممكن لقوات
الدفاع الإقليمي والمستعمرات المحصنة، أن تنفذ المهام نفسها التي نفذتها في
المراحل الأولى لحرب عام 1948. وأصبحت القوات النظامية بجزئيها، العامل والاحتياط،
القوة العسكرية الأساسية التي يعتد بها، عند حساب علاقات القوى، بينها وبين الجيوش
العربية.
اختلاق الذرائع
عرّف الباحث الإسرائيلي "دان هوروفيتس" هذا المصطلح بأنه:
"المصالح الإسرائيلية الحيوية المعرضة للاستفزازات العربية التي لا
ترقى إلى مرحلة الحرب، الأمر الذي ينظر إليه على أنه انتهاك لقواعد اللعبة في
الصراع المستمر بينها وبين العرب". أو بمعنى آخر هو الوضع الذي يمكن التذرع
به كمبرر واستغلاله لعمل واسع النطاق يمكن أن يتطور لحرب شاملة. ويعني ذلك تحديد
خط أحمر جغرافي مثل: الخط الأحمر في جنوب لبنان، أو خط سلوكي على نحو ما، يفصل بين
ما هو مباح وما هو محظور. ومن ثم فإن تجاوز هذه الخطوط يعتبر مؤشراً على فقد نظام
الردع الإسرائيلي لفعاليته، ويتيح فرصة التبرير لإسرائيل، أمام الشرعية الدولية،
لتوقيع العقاب الفوري والثقيل، لأن إهمال الرد على أي من تلك الخطوات، قد يؤدى إلى
تشكيل تهديد لأحد عوامل أمن الدولة، وضياع فرصة ثمينة لتأكيد قوتها، من خلال ما
يسمى الردع بالعقاب. وكذلك الضرر الذي قد يلحق بمصداقيتها، حول ردود أفعالها، وهو
ما استغلته بعد ذلك في ادعاءاتها التي ساقتها عن أسباب شنها للجولة الثالثة في
يونيه 1967.[12]
ضرورة نقل المعركة من
لأرض العدو
تبنت نظرية
الأمن الإسرائيلي، فكرة نقل الحرب إلى أراضى العدو بسرعة، فور نشوب أي حرب شاملة،
حتى لا تتعرض إسرائيل لأضرار الحرب ومخاطرها، وتتوافر للقوات الإسرائيلية فرص أفضل
للمناورة الهجومية، وفقاً لعقيدة الحرب الخاطفة، في ظل افتقار أراضيها للعمق
الإستراتيجي (الذي حاولت إسرائيل، دون جدوى، أن تعوضه عن طريق إنشاء شبكة من
المستعمرات المحصنة على الحدود، وفي الداخل، لتكون كثافتها بمثابة عمق إستراتيجي
غير مباشر).
وطورت الفكرة
إلى مبدأ الهجوم (كأحد مبادئ الحرب)، الذي يسبق أي هجوم عربي محتمل (العمل
الوقائي).
وقد أشار
الجنرال "طال" إلى ذلك فقال: "إن جميع العوامل التي منحت العرب
التفوق، كانت قائمة بين حملة سيناء (عام 1956) وحرب الأيام الستة (عام 1967)، كذلك
الحال بالنسبة لعوامل تفوقنا، مثل النوعية والخطوط الداخلية.[13]
لذا لم يطرأ
تغيير على إستراتيجية نقل الحرب إلى أراضي العدو، ولم يتغير مفهومنا الهجومي، إلاّ
أننا تبنينا بين حملة 1956 وحرب الأيام الستة، مبدأ أهمية توجيه الضربة الأولى
كذلك، أي ليس مجرد نقل المعركة إلى أرض العدو فحسب، بل محاولة توجيه الضربة الأولى
كذلك".[14]
اعتبر آلون حرب
1956، التي بادرت إسرائيل فيهما بالهجوم، نموذجا للهجوم المضاد المسبّق لما كانت مصر تعتزم القيام به (زعمت إسرائيل
ذلك على ضوء صفقة الأسلحة التشيكية، التي اعتقدوا أن الجيش المصري سيقوم بعد
استيعابها بتهديد إسرائيل)، وبرر ذلك بقوله:
"إن الأخذ
بإستراتيجية دفاعية خالصة تسمح للعدو بأن يختار بحرية زمان ومكان وأسلوب هجومه،
معناه تعريض إسرائيل لأفدح الأخطار. إن الرد الوحيد على أي تهديد بالهجوم هو
المبادرة الشاملة من جانب إسرائيل، بهجوم مضاد إجهاضي إذا استدعى الأمر بهدف تحطيم
قوات العدو، ولذا فإن جيش الدفاع الإسرائيلي يجب أن يتقدم إلى الحد الضرورى لضمان
هزيمة قوات العدو، وخلق وضع إستراتيجي جديد يوفر حدودا أكثر أمناً لمواجهة أي
هجمات مستقبلية واحتلال أراضى العدو واستبقائها إلى أن يتم تحقيق السلام وتحديد
الحدود الإستراتيجية الدائمة" ويعد الهجوم المضاد المسبق، على مستوى
الإستراتيجية العليا، الأداة الهجومية العسكرية الملائمة لتنفيذ إستراتيجية
"مناورة الخرشوفة"[15]
التي تستخدمها
إسرائيل في التوسع، والتي تعني ضم الأراضي العربية الجديدة على مراحل، كأهداف
متتالية، وبضربات سريعة حاسمة، تتم بعد تأمين المناورة السياسية الخارجية اللازمة،
لتغطية هذه الأعمال التوسعية، إعلامياً ودولياً، من خلال تقديم كل هدف على أنه
الهدف المرحلة الأخيرة.
في الوقت نفسه
فإن هذه الإستراتيجية تُعد الأداة المناسبة، على مستوى الإستراتيجية العسكرية،
لتنفيذ "الحرب القصيرة الخاطفة"، للاستفادة المثلى من مميزات الحركة على
الخطوط الداخلية. إنّ الأخذ بالمبادرة الهجومية، أو توجيه الضربة الأولى، يتيح
للقيادة العسكرية الإسرائيلية، فرصة حشد قواتها الرئيسية في إحدى الجبهات في
التوقيت الملائم لها، وتوجيه ضربة حاسمة، بينما تثبت الجبهات الأخرى دفاعياً أو
بهجمات محدودة.
ويُنقل المجهود
الرئيسي إلى الجبهات الأخرى على التوالي، دون أن يتاح للعرب الظروف الملائمة لحشد
قواهم العسكرية، والاستفادة من مميزات العمل على الخطوط الخارجية، التي يتيحها لهم
وضعهم الجغرافي المحيط بإسرائيل، (الذي يمكنهم نظريا من شن هجوم متزامن على عدة
جبهات، تتلاقى اتجاهات تقدمه في قلب إسرائيل).
تحقيق الردع
نظرا لاختلال
ميزان القوى العربي الإسرائيلي لصالح العرب، من حيث المعطيات الإستراتيجية
الأساسية المتعلقة بالقوى البشرية والمساحة والموارد الاقتصادية والطبيعية، استندت
نظرية الأمن الإسرائيلي إلى ضرورة تمتع جيشها بتفوق كيفي، سواء في الأسلحة
والمعدات، أو التنظيم أو التدريب أو القيادة أو المعنويات، يتيح له تعويض النقص
الكمي (على افتراض حشد القوات بالكامل من الجانب العربي، في المواجهة المسلحة مع
إسرائيل، وهو الافتراض الذي لم يحدث عمليا حتى الآن). وبحيث تكون هذه القوة
العسكرية ذات قدرة رادعة، وتمتلك إمكانات الحسم العملي في الوقت نفسه.
وقد عبّر
"إيجال آلون" عن ذلك فقال: "إن الجيش القادر على كسب الحرب، هو
وحدة الجيش الذي يردع.. وأن الأمل في الردع لا يعتمد على القوة العسكرية وحدها،
ولكن على التأكيد بأن هذه القوة ستستخدم في الوقت المناسب وبطريقة حاسمة".[16]
تحديات تواجه نظرية الامن "الاسرائيلية"
ثمة عوامل كثيرة ساهمت في خلق المناخ الأمني المعقد المحيط بإسرائيل، من
بينها: التاريخ الطويل المشحون بالحروب والمنازعات، والصعوبات المختلفة التي
واجهتها إسرائيل لتأمين بيئة تحفظ لها أمنها ووجودها ومستقبلها.
فمسألة الأمن بالنسبة لإسرائيل تعتبر في غاية الأهمية، وتتصدر قائمة مكونات
الأهداف الإستراتيجية العليا لها، ويجري تصوير الأوضاع والمتطلبات الخاصة بهذه
المسألة على أنها تشكل مرادفا لوجود دولة إسرائيل.
والحفاظ على الأمن الإسرائيلي إزاء المخاطر والمهددات الداخلية والخارجية
يتم من خلال التشديد على تجنيد مختلف الطاقات الذاتية والتحالفية في اتجاه يهدف
للحفاظ على هذه المسألة التي راحت ترتبط بظروف البيئة الإستراتيجية، وتتحكم بها
متغيرات داخلية وأخرى خارجية تخضع لمعطيات الواقع الراهن وتحولات السياسة الدولية.
انكماش حجم
التهديدات الخارجية لا يعفي إسرائيل من أن تواجه تهديدات داخلية.
أدى الواقع
السياسي والعسكري الجديد الذي نتج عن حرب الخليج الثانية وتمثل بسقوط النظام
العراقي السابق، وتفكك القوة العسكرية العراقية (التي شكلت إحدى مصادر التهديد
الرئيسية لأمن إسرائيل على مدار أربعة عقود )إلى إتاحة الفرصة إلى تعزيز أمن
إسرائيل وتمتين مكانتها العسكرية في معادلة التوازن العسكري مع الأقطار العربية.
"إسرائيل" غير قادرة على
حسم صراعها مع العرب عموما، ومع الفلسطينيين خصوصا بالوسائل العسكرية، وعليه فإن
أقصى ما تستطيعه هو توظيف تلك القوة للحفاظ على الوضع القائم بكل ما ينطوي من
أفضليات ومكاسب سياسية وأمنية.
إن التسوية السلمية
مبدأ تستفيد منه إسرائيل لاختيار السلام من ناحية ولاستمرار أيديولوجيتها المبنية
على القوة والعنف من ناحية أخرى، وليس بالضرورة أن تدخل إسرائيل في حروب جديدة،
لكنها بالضرورة ستشترك بقوة في صنع السياسات العسكرية في المنطقة من منطلق يحفظ
لها أمنها ووجودها.
نظرية الردع
الإسرائيلية تقوم على أساس أن إسرائيل ستبقى مستهدفة من قبل جيرانها العرب، ولذلك
ينبغي على إسرائيل أن تحتفظ دائما بزمام المبادرة في حالة الحرب، كما ينبغي عليها
أن تحتفظ بالتفوق العسكري النوعي على جيرانها العرب حتى في حالة السلام.
ثلاثية "الردع والإنذار والحسم" كدعامات أساسية في المفهوم
الأمني الإسرائيلي، صارت تعكس رؤية قديمة. حيث فقدت إسرائيل الردع عام 1973 وفي
حرب لبنان عام 1982 لم تنفع بشيء، ولم يرتدع أبناء الانتفاضة الفلسطينية، وجاءت
حرب الخليج الثانية لتكشف بصورة واضحة عن ضعف صمود المؤخرة الإسرائيلية، وعزز ذلك
الضعف اندلاع انتفاضة الأقصى، والمواجهة العسكرية بين إسرائيل وحزب الله (تموز
2006) التي كان أحد تداعياتها – بشهادة الإسرائيليين أنفسهم- ضرب بعض أسس وركائز
النظرية الأمنية الإسرائيلية، وذلك من خلال إطلاق الصواريخ والتسلل واختطاف جنود
إسرائيليين.[17]
إن تغير البيئة السياسية والأمنية والإستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط،
أصبحت في الوقت الراهن تصب في غير صالح إسرائيل، ما يطرح على أمنها تحديات ومخاطر
كبيرة، خصوصا على خلفية التحولات السياسية الإستراتيجية التالية:
أولا: تراجع مكانة
الولايات المتحدة الأميركية في المنطقة التي باتت تشهد توترات واضطرابات أمنية لم
تشهد لها مثيلا من قبل، كما باتت تشهد مزيدا من العداء للسياسات الأميركية، والتي
تؤثر مباشرة على أمن "إسرائيل" واستقرارها.[18]
ثانيا: تزايد نفوذ
حركات المقاومة المسلحة في المنطقة، خصوصا ذات الخلفية الأيديولوجية.
ثالثا: بروز إيران
كدولة قوية منافسة، تحظى بنفوذ إقليمي قوي من قبل حزب الله وسوريا، وهي أطراف
معادية "لإسرائيل".
رابعا: خطر الصواريخ ذات المديات المختلفة والتي اختصرت جغرافية المكان
والزمان، وقللت من الأهمية الإستراتيجية للأرض.
المصادر والمراجع
1. قراءة في نظرية الأمن الإسرائيلي : من
الانسحاب أحادي الجانب من الأراضي الفلسطينية إلى حرب لبنان الثانية د. ايمن
يوسف
2. مقاتل في
الصحراء على الانترنت
3. عكا للشؤون
الإسرائيلية على الانترنت
4. الجزيرة نت
على الانترنت
5. الشرق اكادمي
على الانترنت
6. مركز الجزيرة
للدراسات والابحاث
7.
النظرية الأمنية الإسرائيلية - مركز التخطيط الفلسطيني على الانترنت
[1]
Oxford Languages. معجم اكسفورد
[2]
الدكتور محمد مصالحة http://www.alma3raka.net/spip.php?page=article&id_article=263
[3]
مقاتل في الصحراء http://www.moqatel.com/openshare/Behoth/Askria6/AmanIsrael/sec02.doc_cvt.htm
[4]
حدد قرار التقسيم 181 ما نسبته 56% من مساحة
فلسطين الانتدابية لصالح الدولة اليهودية حيث كان السكان العرب فيها 509780
واليهود 499000, أما الدولة الفلسطينية العربية فخصص لها 43% من مساحة فلسطين حيث
وصل السكان العرب فيها إلى 749000 واليهود حوالي 9520, وتدويل القدس
[5]
ايجال ألون تطور العقيدة العسكرية الإسرائيلية
خلال 35 عاما,على الانترنت
[6] https://akka.ps/post/6228 u; عكا للشؤون الإسرائيلية
[7] https://2u.pw/X8dAI مقاتل في الصحراء
[8]
https://2u.pw/X8dAI مقاتل في الصحراء
[9]https://akka.ps/post/6228; عكا للشؤون الإسرائيلية
[10]
https://2u.pw/X8dAI الشرق اكادمي
[11]
https://cutt.us/xwd0g المعركة - شبكة انتفاضة فلسطين
[12]
https://studies.aljazeera.net/ar مركز الجزيرة للدراسات والابحاث
[13]
https://cutt.us/Qmo7T النظرية
الأمنية الإسرائيلية - مركز التخطيط الفلسطيني
[14]
https://cutt.us/FZFk0
مقاتل في الصحراء
[15]
https://cutt.us/FZFk0
مقاتل في الصحراء
[16]
قراءة في نظرية الأمن
الإسرائيلي : من الانسحاب أحادي الجانب من الأراضي الفلسطينية إلى حرب لبنان
الثانية د. ايمن يوسف
[17] مرجع سابق
[18]
https://cutt.us/xwd0g المعركة - شبكة انتفاضة فلسطين
تعليقات
إرسال تعليق