واقع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ومستقبلهم
أ.علي سعيد عرفات
مقدمة
أوضاع
اللاجئين الفلسطينيين في لبنان هي قصة معاناة مستمرة منذ نحو ستين عاماً، في لبنان
يحرم الفلسطينيون من حقوقهم المدنية، ويحرمون من حقوق العمل في الكثير من المهن،
كما يحرمون من حقوق التملك، وتشكل البيئة السياسية والقانونية اللبنانية بيئة طاردة
للفلسطينيين بحجة منع توطينهم، ولكن الحقيقة هي أن الفلسطينيين لا يرغبون أصلاً في
التوطين، وإنما يرغبون بمعاملة إنسانية عادلة، غير مرتبطة بإعطائهم الجنسية، أو
الحقوق السياسية الخاصة بأقرانهم اللبنانيين.
كما أن الاحتجاج بأن الإبقاء على معاناة
الفلسطينيين وحرمانهم من حقوق الحياة الإنسانية الكريمة، يعين على استمرار
اهتمامهم بقضيتهم، هي حجة غير مستندة إلى أية أسس صحيحة، إذ إن استمرار المعاناة
يدفع الفلسطينيين للهجرة إلى دول أوروبا الغربية وأمريكا وكندا وأستراليا وأمريكا
الجنوبية، حيث توجد مخاطر أكبر في توطينهم وذوبانهم، وابتعادهم عن مركز الاهتمام
بقضيتهم.
كما
أن الفلسطينيين الذين حصلوا على حقوقهم المدنية في البلاد العربية لم ينسوا قضيتهم
و لم يتوقفوا عن العمل على تحرير أرضهم، ومثال ذلك الفلسطينيون في سوريا، وكذلك في
الكويت التي شهدت نشأة حركتي فتح وحماس في الخارج.
يعرض
هذا البحث أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان الديموغرافية والقانونية والتعليمية
والاجتماعية، كما يعرض مشاريع التسوية السياسية المتعلقة باللاجئين، وهناك فصل خاص
حول مأساة مخيم نهر البارد. والكتاب موثق من الناحية العلمية، ومكتوب بطريقة
موضوعية، ويستعين بالكثير من الجداول والأرقام والإحصائيات التي تدعم الحقائق
والمعلومات الواردة في النصوص. نسأل الله سبحانه، أن يفيد هذا الكتاب في تسليط
الضوء على قضية اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وأن تسهم المعلومات الواردة فيه في
دفع صناع القرار اللبناني إلى التخفيف من معاناة إخوانهم الفلسطينيين.
اهمية
البحث
1.
ندرة المراجع في هذا
المجال.
2.
التعرف على أوضاع
اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.
3.
التعرف على مستقبل
اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.
مشكلة
البحث
ان دول
العالم بشكل عام وخصوصا الدول العربية المجاورة لفلسطين وجب عليها مساعدة اللاجئين
الفلسطينيين الذي لجأوا قسراً من ديارهم بعد عام 1948م نتيجة للحرب الصهيونية
المدمرة التي لحقت بهم ودمرت سبل عيشهم، فلجأ الفلسطينيين لدول مختلفة (كسوريا
ولبنان والأردن وغيرها) فكان للبنان رغم صغر حجمه حصة ليست بالقليلة من اللاجئين
الفلسطينيين الذي يعاني في وقتنا الحالي أزمات كبيرة ممتدة عجز عن حلها الكثير حتى
الاّن من النخب والقادة المحليين والإقليميين، فما واقع اللاجئ الفلسطيني؟ وما هو
مستقبله في ظل هذه الأزمات التي تعصف بلبنان والبلدان العربية كافة.
هدف
البحث
يتمحور هدف
البحث فيما يلي:
1.
إثراء المكتبة العربية.
2.
التعرف على هوية اللاجئ
الفلسطيني.
3.
التعرف على أوضاع
اللاجئين الفلسطينيين.
4.
وايضا التعرف على
مستقبل اللاجئون الفلسطينيين في لبنان.
منهج
الباحث
سوف
نتبع في هذا البحث المنهج التاريخي والقانوني، من خلال دراسة أوضاع اللاجئين
الفلسطينيين في لبنان ومعرفة مستقبل هؤلاء اللاجئين.
المبحث
الأول: من هو اللاجئ الفلسطيني
المطلب
الاول: تعريف اللاجئ الفلسطيني.
المطلب
الثاني: واجبات المؤسسات والدول تجاه اللاجئين.
المطلب
الثالث: لجوء الفلسطينيين للبنان.
المبحث
الثاني: أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان
المطلب
الأول: الأوضاع القانونية للاجئين الفلسطينيين في لبنان.
المطلب
الثاني: الأوضاع الاجتماعية للاجئين الفلسطينيين في لبنان.
المطلب
الثالث: الأوضاع الاقتصادية للاجئين الفلسطينيين في لبنان.
المبحث
الثالث: اللاجئون الفلسطينيون في لبنان وآفاق المستقبل
المطلب
الأول: منذ النكبة 1948م
المطلب الثالث: مستقبل اللاجئ الفلسطيني
في لبنان في ظل مشاريع التسوية.
المبحث الأول
من هو اللاجئ الفلسطيني
سوف نوضح
هذا المبحث من خلال أربعة مطالب
المطلب الاول: اللاجئون وتعريف اللاجئ
الفلسطيني.
المطلب الثاني: الأوضاع الاجتماعية
والمعيشية والقانونية للاجئين
المطلب الثالث: لجوء الفلسطينيين للبنان.
المطلب الرابع: احصائيات اللاجئين
الفلسطينيين في لبنان وتوزيعهم الجغرافي.
المطلب
الأول: تعريف اللاجئ الفلسطيني
يعد مصطلح
اللجوء مصطلحاً شائكاً في القانون الدولي أو في تعريف المؤسسات التي تعنى بشؤون
اللاجئين فهنالك من يعرف المهاجر على أنه لاجئ والنازح على أنه مهاجر وهكذا وفي ظل
التضارب في تعريفات اللاجئ والنازح والمهاجر وما يترتب عليه من ضياع للحقوق الخاصة
بكل فئة كان لابد من التفريق بين المصطلحات (المهاجر– اللاجئ – النازح)
ف الهجرة
لغةً: هي مصدر الفعل هاجر، وتُجمع على هجرات، وهي خروج الفرد من أرض وانتقاله الى
أرض أخرى بهدف الحصول على الأمان والرزق، أو انتقال المرء من بلد الى بلد آخر
للعيش فيه بصفة دائمة، وهو ما ذهب اليه ابن فارس وابن منظور وجاء في موسوعة
كولمبيا أن الهجرة هي عبور شخص أجنبي الى دولة جديدة بهدف الإقامة الدائمة فيها،
جاء في قاموس كامبريدج أن المهاجر هو شخص انتقل الى دولة أخرى أجنبية للإقامة فيها
بشكل دائم.
-
الهجرة اصطلاحاً قد تعددت تعريفاته نظراً لاختلاف زوايا النظر لدى علماء الاجتماع
والقانون والسياسة، ولكن أغلب التعريفات اتفقت على ان (الهجرة) تعني انتقال
الجماعات او الأفراد من مكان الإقامة والمنشأ الأصلي لهم إلى مكان إقامة آخر دون
إكراه، لسبب يحقق مصالحهم.
- من
وجهة نظر علماء الاجتماع هي انتقال الانسان من موطنه الأصلي وبيئته المحلية إلى
وطن آخر للارتزاق، وكسب وسائل العيش أو لسبب آخر. ويرون أن الهجرة تكون بغرض
الإقامة الدائمة نسبياً، ولا يشترطون أي شروط تتعلق بمسافة الانتقال، كما لا
يشترطون وجود أسباب محددة للهجرة.
من
وجهة نظر سياسية: قد عرفتها دائرة الإحصاء العامة الأردنية "بانها أنها
انتقال الأفراد من منطقة إلى أخرى، سواء كان ذلك داخل حدود الدولة أو خارجها،
ويستثنى من ذلك البدو الرحل، والسياح، والموظفين، الذين لا ينوون تغيير مكان
إقامتهم".
من
وجهة نظر قانونية بحسب القانون الدولي ترى المفوضية العامة للأمم المتحدة أن
المهاجرين هم اشخاص يختاروا الانتقال ليس بفعل التهديد المباشر بالاضطهاد أو
الموت، بل لأجل تحسين ظروفهم المعيشية، أو من أجل أغراض التعليم أو لم الشمل، أو
أسباب أخرى.
أما مفهوم
اللجوء اللاجئ لغةً: هو اسم فاعل من الفعل (لجأ) ولجأ الشخص إلى المكان: أي قصده
واحتمى به.
ويعرفه
آخرين بالقول إنه هو الهارب من مكان اقامته مجبراً ومضطراً، هذا في القاموس
العربي. أما في الإنجليزية يعني الشخص الذي أجبر على مغادرة بلده هروباً من الحرب
او الاضطهاد أو الكارثة الطبيعية.
اللاجئ
اصطلاحاً: طلب العصمة والحماية للإنسان أو الجماعة في مكان غير مكان الإقامة
الأصلي، بسبب وجود خطر يهدد الإنسان او الجماعة في المعتقد أو النفس، أو الأموال
والممتلكات.
لقد
نظرت المنظمات والمؤسسات الإقليمية والدولية التي ترعى شئون اللاجئين إلى تعريف
اللاجئ كل من زاوية نظره المختلفة؛ لذا هناك اختلاف واضح في تعريفات اللاجئ
واللجوء. التعريف من وجهة نظر القانون الدولي: كل شخص اضطر لمغادرة دولته بسبب
الخوف على حياته أو حريته من التعرض للاضطهاد لأسباب سياسية، او سبب الحرب، أو
الكوارث الطبيعية كالزلازل او الفيضانات. وقد عرفته اتفاقية 1951م في المادة (1/أ
الفقرة (2) بأنه: "كل شخص يوجد خارج بلد جنسيته، نتيجة أحداث وقعت قبل
1951/1/1م، وبسبب خوف له ما يبرره من التعرض للاضطهاد بسبب العرق او الدين أو
الجنسية، أو الانتماء إلى فئة اجتماعية معينة، أو لرأيه السياسي، فيلجا لبلد غير
بلده يطلب الحماية. لكن هذا التعريف لم يكن كافياً من وجهة خبراء الأمم المتحدة،
حيث قاموا بتعديل هذه المادة في بروتوكول 1969م المكمل للاتفاقية، بحيث لا تكون
مشروطة زماناً أو مكاناً بما يقيد الأشخاص الذين أشارت إليهم اتفاقية 1951م في
تعريفها للاجئ.
التعريف
من وجهة نظر وكالة الأمم المتحدة (الأونروا): قد عرفت (اللاجئ) بأنه كل شخص كان
محل اقامته المعتاد في فلسطين الانتدابية لمدة عامين على الأقل بين 1946/7/1 إلى
1948/5/15م، والذي فقد منزله وسبل عيشه نتيجة حرب عام 1948م، ولجأ إلى احدى الدول
التي تقع في واحدة من أماكن عمليات الوكالة الخمسة التي ترعى فيها اللاجئين
الفلسطينيين، وتم ادراج اسه ضمن المستندات الرسمية للوكالة. ويمكن لأحفاد هؤلاء
التسجيل في وثائق الوكالة. وبالتالي يلاحظ وجود قيود زمانية ومكانية تحكم تصنيف
الوكالة للفلسطينيين بحسب مكان تواجده قبل الهجرة وبعدها.
التعريف
من وجهة نظر دائرة شئون اللاجئين الفلسطينيين عرفت اللاجئ بأنه: "أي كان في
1947/11/29م أو بعد هذا التاريخ مواطناً فلسطينياً وفقاً لقانون المواطنة الصادر
بتاريخ 1925/7/24م ، والذي مكان اقامته فلسطين في مناطق أصبحت لاحقاً تحت سيطرة
الاحتلال الإسرائيلي" بين: 1948/5/12م و 1949/7/20م ، ثم اجبر على ترك مكان
اقامته بسبب الحرب، ولم يستطع العودة إليه بسبب إجراءات الاحتلال وفقد مصدر رزقه
حتى 1948/7/20م لنفس السبب، وأحفاد اللاجئين الفلسطينيين وفق التعريف سواء كانوا
على قيد الحياة أم لا.
مفهوم
النزوح النازح لغةً: هو اسم فاعل من (نزح) أي رحل عن بلده الأصلي إلى مكان آخر،
والنازح هو من أبعد عن موطنه عنوة وأكره بالإجبار على الخروج من موطنه.
النازح
اصطلاحاً: هو الشخص الذي أجبر على الانتقال من موطنه الأصلي إلى موطن داخل بلده،
بسبب النزاع المسلح، أو أي حالات عنف أخرى تسببت في انتهاك حقوق الانسان. أو بسبب
كارثة طبيعية أو مفتعلة ولكنه بقي داخل حدود دولته ولم يخرج لأخرى.
من
وجهة نظر الأمم المتحدة: هم أشخاص أجبروا أو اضطروا للفرار أو مغادرة منازلهم أو
أماكن اقامتهم المعتادة؛ لتجنب آثار النزاع المسلح أو حالات العنف العام، او
انتهاكات حقوق الإنسان، أو الكوارث الطبيعية والبشرية، والذين لم يعبروا حدوداً
دولية معترف بها دولياً.
وخلاصة
القول أن اللاجئ الفلسطيني وفقاً لتعريف وكالة الأمم المتحدة (الأونروا) قد عرفت
(اللاجئ الفلسطيني) بأنه" كل شخص كان محل اقامته المعتاد في فلسطين
الانتدابية لمدة عامين على الأقل بين 1946/7/1 إلى 1948/5/15م، والذي فقد منزله
وسبل عيشه نتيجة حرب عام 1948م، ولجأ إلى احدى الدول التي تقع في واحدة من أماكن
عمليات الوكالة الخمسة التي ترعى فيها اللاجئين الفلسطينيين، وتم ادراج اسه ضمن
المستندات الرسمية للوكالة. ويمكن لأحفاد هؤلاء التسجيل في وثائق الوكالة".
اللاجئ
في تعريف مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الانسان هو كل شخص اعتبر لاجئا بمقتضى
ترتيبات 12 أيار/مايو 1926 و 30 حزيران/يونيه 1928، أو بمقتضى اتفاقيتي 28 تشرين
الأول/أكتوبر 1933، و 10 شباط/فبراير 1938 وبروتوكول 14 أيلول/سبتمبر 1939، أو
بمقتضى دستور المنظمة الدولية للاجئين.[1]
المطلب
الثاني: الأوضاع الاجتماعية والمعيشية والقانونية للاجئين
أسباب
اللاجوء الفلسطيني:
يدعي الإسرائيليون
أن ما حدث سنة 1948 كان بسبب أن القادة العرب طلبوا من الفلسطينيين أن يغادروا
قراهم ومدنهم ريثما تقوم الجيوش العربية بالقضاء على الدولة اليهودية، فاستجاب
الفلسطينيون وخرجوا بمحض إرادتهم ولكنهم ظنوا أن خروجهم سيكون لفترة قصيرة، إلا أن
العرب أخفقوا في مهمتهم وطالت الفترة وأصبح الفلسطينيون لاجئين.
لكن
الحقيقة أنه كان هناك خطة مبيتة لطرد الفلسطينيين من الدولة اليهودية وذلك لنجاح
المشروع الصهيوني الذي يهدف إلى التطهير العرقي "أرض بلا شعب لشعب بلا
أرض".[2] وهناك مجموعة من العوامل
التي تفاعلت فيما بينها وأدت إلى عملية النزوح وتتمثل العوامل بـ:
·
الخطر
على أفراد العائلة، فقد كانوا يخشون أن يتعرض أحد أفراد العائلة لمكروه وخاصة
الشباب منهم والنساء.
·
الخطر
على الشرف، فقد خشي البعض أن يحدث لهم ما حدث في دير ياسين.
·
اللحاق
بأفراد العائلة، كان بعض الرجال يرسلون عائلتهم إلى مكان بعيد عن الحرب ليضمنوا
سلامتهم بينما يبقون هم للاعتناء بأملاكهم، وبما أنه لم يسمح للعائلات بالعودة بعد
الاحتلال فقد اضطر رب العائلة أن ينزح لينضم إلى عائلته.
·
الخوف
الشديد والخطر المحدقان بالمواطنين الفلسطينيين آنذاك، حيث لجأ معظم الفلسطينيين
إلى المناطق المحيطة بقراهم على أمل أن يعودوا بعد توقف القتال.
·
الخوف
من انتقام اليهود بعد هجوم العرب على مواقع يهودية وتحديداً المناطق العربية التي
أصبحت معزولة في وسط مناطق يهودية.
الحرب
النفسية التي اتبعتها الحركة الصهيونية:
والمقصود
منها تقويض ثقة السكان بأنفسهم وقياداتهم وتحطيم معنوياتهم بشكل عام مثل الحديث عن
عدد الخسائر في الأرواح بين العرب، والتحذير من انتشار الأوبئة وكانت تستخدم أسلوب
الهمس حيث كان يطلب من المخاتير اليهود الذين لهم صلة مع الفلسطينيين في القرى
المجاورة أن يسربوا لهم معلومات "باعتبارهم أصدقاء" الهدف منها بث الخوف
والرعب في نفوسهم. أما الطرق الأكثر مباشرة فتراوحت بين التهديد والوعيد ووضع موعد
أقصى لإخلاء البلد، ووضع تسجيلات لبكاء وعويل وصراخ باللغات العربية وكذلك إذاعة
تسجيلات لانفجارات شديدة عبر مكبرات الصوت، إضافة إلى وضع الناس في ناقلات ورميهم
في مناطق بعيدة، وإلى طردهم وإطلاق الرصاص فوق رؤوسهم.
هذا
بالإضافة إلى المذابح التي ارتكبها اليهود، فقد كانوا يتخيرون القرى الصغيرة
الآمنة غير المسلحة فيقتحمونها يقتلون ويشوهون وينسفون ثم يتركونها ركاماً ويتركون
بعض شاهدي المأساة من سكان القرى ليذهب ويتحدث بما رأى.
هكذا
نرى أن الفلسطينيين لم يفرطوا ببلادهم كما يدعي البعض بل بذلوا كل ما لديهم من جهد
للمحافظة على بلادهم[3]
ولكن اليهود خططوا فأحسنوا التخطيط وأحسنوا التنفيذ واستطاعوا اقتلاع الفلسطينيين
وتهجيرهم وكل ذلك بمساعدة بريطانيا وأمريكا وكل أعوان الشر.
اقتلاع
المقدسيين من بلادهم
خلال
ما يقارب من خمسين عاماً تعرض العرب في القدس إلى عملية طرد في إطار السياسة
الإسرائيلية الهادفة إلى تدعيم مكانة القدس كعاصمة موحدة لدولة إسرائيل، وذلك عن
طريق زيادة الغالبية اليهودية واتخاذ العديد من الإجراءات من أجل تقليص الوجود
التاريخي للفلسطينيين، وتتمثل هذه الإجراءات بسياسة الطرد بالقوة العسكرية، ثم
سياسة اتخذت فيها العديد من الإجراءات الإدارية والقانونية والعنصرية "لتطهير
المدينة من الأقلية العرقية، وبهذه السياسة طرد ما يقارب مائتي ألف فلسطيني من قلب
المدينة.
وقد
تمثلت هذه السياسة بما يلي:
تهجير
الفلسطينيين أثناء الصراع العسكري:
·
حرب
1948 حيث كان السبب الأساس وراء تهجير الفلسطينيين من المدينة هو تأكيد إحكام
السيطرة الصهيونية عليها، وتوسيع حدود الدولة اليهودية التي منحها لهم قرار
التقسيم، ولقد استخدم العدو الإسرائيلي العديد من الطرق للوصول لهذه الغاية منها
الحرب النفسية، تخريب البنى التحتية الفلسطينية "خطوط المياه والكهرباء"
بالإضافة إلى تفجير المباني العامة، المساكن الشخصية، كل هذه الأعمال تمت من خلال
العنصريين اليهود من أجل تهجير الفلسطينيين إلى خارج المدينة.
·
على
الرغم من أن تهجير الفلسطينيين المقدسيين عام 1967 والذي كان بسبب الذعر والخوف
والتفجيرات بالإضافة إلى تدمير ممتلكاتهم، فقد كان أقل بكثير من تلك الهجرة التي
ارتكبت لتقليل عدد سكان المدينة، ناقلات وشاحنات أحضرت آنذاك لنقل الفلسطينيين من
داخل حدود المدينة إلى أريحا والحدود الأردنية، المصادر تشير إلى أن ما بين 4 إلى
6.5 ألف فلسطيني طردوا من البلدة القديمة في عام 1967، من بينهم 135 عائلة
فلسطينية كانت تسكن حارة المغاربة، وهذه العائلات أعطيت إنذاراً لمدة ثلاث ساعات
قبل المباشرة بهدم حارة المغاربة بالكامل من أجل بناء ساحة بالقرب من حائط الحرم
الشريف، الكثير من المساجد، واثنتين من الزوايا وكثير من أراضي الوقف الإسلامي
المأهولة وغير المأهولة دمرت بالكامل.[4]
التهجير
بواسطة مصادرة الملكية:
أجبر
العرب داخل حدود مدينة القدس على ترك المدينة وذلك عن طريق سلب ممتلكاتهم
ومصادرتها التي تمت بنمطين:
·
الأول:
الاستيلاء على الملكيات التابعة لفلسطينيين تركو المدينة في أعقاب حربي الأعوام
48/67، وهذا النمط مُهد الطريق أمامه بتكوين المؤسسات الصهيونية والقوانين
الإدارية الإسرائيلية اللاحقة والخاصة بممتلكات اللاجئين الفلسطينيين وسن
التشريعات التي تصادر الملكية بكفاءة عالية تحت حماية القانون الإسرائيلي وهي إما
تصادر لصالح دولة إسرائيل أو لصالح السكان اليهود في قلب المدينة.
·
الثاني:
الاستيلاء ونزع الملكية من الفلسطينيين الذين لا يزالون يعيشون داخل حدود المدينة،
وهذا النمط مهدته التشريعات الإسرائيلية التي مكنت الحكومة الإسرائيلية من وضع
اليد على الأراضي الفلسطينية لاستغلالها لأغراض عامة.
التهجير
بواسطة الإجراءات الإدارية والقضائية:
استخدمت
سلطات الاحتلال الوسائل الإدارية وتشريعاتها القانونية كوسائل أولية لطرد
الفلسطينيين إلى خارج مدينة القدس عقب عام 1967، كانت عن طريق ما سمي بالسياسات
الإدارية والقانونية والتي بموجبها حرم الفلسطينيين من حقهم الإقامة داخل المدينة،
وبسبب التمييز المنظم في قانون الإقامة الإسرائيلي وتخطيطات البلدية أجبر آلاف
الفلسطينيين على الخروج من المدينة، هذا إلى جانب العديد من نقاط التفتيش العسكرية
الإسرائيلية على المداخل الرئيسية للمدينة مع بداية التسعينات وعليه فإن تلك
السياسات جعلت من الصعب على الفلسطينيين المقدسيين العودة إلى مدينتهم التي طردوا
منها.
أعداد
اللاجئين الفلسطينيين وخارطة توزيعهم في مناطق الشتات:
شردت
الحركة الصهيونية في عام 1948 ما يقرب من 800 ألف فلسطيني وجعلتهم لاجئين، ولقد
تضاعف هذا العدد عدة مرات خلال الخمسين عاماً الماضية ليصل إلى خمسة ملايين، وتقدر
وكالة الغوث "الأونروا" عدد اللاجئين المسجلين رسمياً لديها حتى كانون
الأول 1997 بـ 3,469,109 هذا مع العلم أن سجلات الوكالة لا تشمل جميع اللاجئين وهي
لا تشمل أولئك الذين نزحوا بعد حرب 1967، أو أولئك الذين هجروا إلى داخل الخط
الأخضر، وأولئك الذين هجروا خارج المناطق الخمس التي تغطيها الأونروا بخدماتها
"لبنان، سورية، الأردن، الضفة الغربية وقطاع غزة، وبشكل عام يقدر عدد
اللاجئين غير المسجلين لدى الأونروا بـ 1.5 مليون لاجئ.[5]
جدول يبين عدد اللاجئين
ومناطق توزعهم حتى أواخر 1998[6]
المنطقة |
اللاجئون
المسجلون مع الأونروا |
اللاجئون
غير المسجلون مع الأونروا |
مجموع
اللاجئين الكلي |
الضفة
الغربية |
562.737 |
3.987 |
593.724 |
قطاع
غزة |
785.551 |
11.898 |
797.449 |
كامل
فلسطين |
1.348.288 |
42.885 |
1.391.173 |
لاجئو
الداخل في إسرائيل |
- |
219.325 |
219.325 |
الأردن |
1.487.449 |
278.608 |
1.766.057 |
لبنان |
367.610 |
14.984 |
382.594 |
سوريا |
370.035 |
61.951 |
431.986 |
مصر |
- |
40.468 |
40.468 |
جميع
دول الشرق الأقصى |
3.573.382 |
658.221 |
4.231.603 |
السعودية |
- |
274.762 |
274.762 |
دول
الخليج |
- |
139.948 |
139.948 |
العراق
وليبيا |
- |
73.284 |
73.284 |
بلاد
عربية أخرى |
- |
5.544 |
5.544 |
جميع
دول الشرق الأوسط |
3.573.382 |
1.151.759 |
4.725.141 |
جميع
الدول غير العربية |
- |
393.411 |
393.411 |
المجموع |
3.573.382 |
1.545.170 |
5.118.552 |
الأوضاع الاجتماعية والمعيشية
والقانونية للاجئين:
يعاني
اللاجئون الفلسطينيون في كافة أماكن تواجدهم ظروفاً قاسيةً، ففي لبنان مثلاً،
يعتمد اللاجئون في المجال الصحي على الأونوروا بصورة شبه كلية إضافة إلى ما تقدمه
جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني من خدمات متواضعة، حيث تقدم الأونوروا سريراً
واحداً لكل 4000 شخص، وتوجد عيادات طبية يقوم الطبيب فيها باستقبال 14 مريضاً في
الساعة الواحدة، وتصل نسبة المتجهين إلى المدارس بين اللاجئين الفلسطينيين في
لبنان إلى 12.5% مقارنة بـ 28.2% بين أقرانهم في سوريا مثلاً، فانتشرت الأمية بين
اللاجئين وانعدمت الخدمات الاجتماعية، فلا يوجد أي عناية بالمسنين لا من الأونوروا
ولا المنظمة ولا الفصائل ولا المنظمات غير الحكومية، ويعاني الشباب من البطالة
وعدم القدرة على متابعة الدراسة، فلا يوجد أي أماكن للتسلية، ولا مراكز ثقافية ولا
أندية رياضية ولا حدائق عامة ولا مكتبات، وقد تناولت لبنان على كمثال لتعكس الوضع
الذي يعيشه الشعب الفلسطيني في الشتات.[7]
وفي
مسح أجرته مؤسسة فافو عام 1997 في الأردن وقدمته إلى مجموعة عمل اللاجئين في
المفاوضات، وجدت المؤسسة أن اللاجئين الفلسطينيون الذين يعيشون في المخيمات يعانون
من السكن الأسوأ والبطالة الأعلى والدخل الأقل والمشاكل الصحية والعقلية والجسدية
الأشد والأكثر من المشاكل ذاتها لدى السكان بشكل عام، فالعائلات التي يقع معدلها
تحت خط الفقر كانت 27% منها في المخيمات 11% بين كل اللاجئين 8% بين غير اللاجئين،
وقد وجد المسح أن هناك مشاكل صحية مكتشفة أكثر بكثير من لاجئ المخيمات، يصاحبها
قدرة أقل على الحصول على تأمين صحي.[8]
ولو
أخذ التعليم في مخيمات قطاع غزة على سبيل المثال، لوجدنا أن هناك صعوبات قائمة
حالياً تتمثل في نقص الأبنية المدرسية لاستيعاب أبناء اللاجئين حيث تتراوح الزيادة
السنوية بـ 10,000 طالب وطالبة والمباني الموجودة حالياً هي 108 مبانٍ يعمل فيها
168 مدرسة أي أن 122 مدرسة تعمل على نظام الفترتين وتعمل فقط 46 مدرسة على نظام
الفترة الواحدة، أي أن المخيمات تحتاج سنوياً لبناء 10 مدارس ليبقى الوضع قائماً
ولمنع التدهور، ولقد قامت الوكالة بإنشاء برنامج البعثات الدراسية وذلك من أجل
تقديم المساعدة للطلاب اللاجئين المتفوقين في دراستهم الثانوية لاستكمال دراستهم
الجامعية.[9]
الوضع
القانوني للاجئين الفلسطينين في لبنان:
في
سنة 1964 تبنت جامعة الدول العربية "بروتوكول الدار البيضاء" الذي وسع
مجال حقوق الفلسطينيين لمنحهم حرية التنقل من قطر عربي إلى آخر مجاور، والعودة إلى
قطر إقامتهم من دون عائق، وهذا البروتوكول لم يكن سوى بيان حسن نية أكثر مما هو
التزام من قبل الدول الأعضاء، ولقد تبنت الحكومات العربية مواقف متمايزة في تنفيذ
بروتوكول الدار البيضاء، فقد عمدت دولتان عربيتان فقط، فيهما وجود كبير للاجئين،
هما سوريا والأردن إلى تنفيذ جميع بنود البروتوكول، بينما لم تنفذها الكويت ولبنان
قط، ونفذتها مصر وليبيا بصورة غير منسقة، وبقي وضع اللاجئين حكراً على الأوضاع
السياسية السائدة في المقام الأول، ولقد أدت حرب الخليج إلى جعل معظم الدول تعلق
رسمياً تنفيذ البروتوكول واستبداله بتدابير مؤقتة تفتقر إلى الوضوح والتماسك.
لقد
خضعت قوانين الهجرة والتجنيس في الدول العربية لاعتبارات سياسية قاسية، ففي حين أن
معظم الدول تمنح حقوق المواطن عبر التجنيس أو المولد أو الزواج، فإن الزواج من
مواطنة في الدول العربية لا يعني حصول الزوج تلقائياً على حقوق المواطنة إذا لم
يكن من أهل البلد أو كما هي حال الفلسطينيين في الكويت ولبنان ومصر وسورية ودول
عربية أخرى، فإن يولد المرء في قطر عربي لا يعني حصوله على المواطنة أو على إقامة
مطولة بغرض العمل، الفلسطينيون في لبنان محرومون من التعليم الرسمي أما المسجلون
لدى الأونوروا فيتعلمون حتى نهاية الصف التاسع وعليهم بعد ذلك تحمل النفقات وكذلك
فإن الفلسطينيين كباحثين عن عمل يحتاجون إلى ترخيص استثنائي، ويمنع القانون
الفلسطينيين العمل في حقول الحرف المختصة.[10]
المبحث
الثاني: أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان
المطلب الأول: الأوضاع القانونية للاجئين الفلسطينيين في
لبنان.
يعيش
اللاجئون الفلسطينيون في لبنان تحت ظروف شديدة القسوة، ويعانون بصفة منتظمة
ومنهجية من التمييز ضدهم. ولم يحصل معظم اللاجئين الفلسطينيين على الجنسية، ويعتبر
وضعهم القانوني في لبنان وضع فئة خاصة من الأجانب. وقد حصل القليل من اللاجئين على
الجنسية اللبنانية في الخمسينيات لأغراض تحقيق التوازن بين السكان المسيحيين
والمسلمين في البلاد. ولا يحظى بحق الإقامة في لبنان إلا اللاجئون الفلسطينيون
الذين لجأوا مباشرة إليه في 1948. أما اللاجئون الفلسطينيون الذين وصلوا إلى لبنان
بعد ذلك – بما في ذلك المهجرون في عام 1967 – فإنه لا يحق لهم الإقامة، وتعتبر
إقامتهم غير شرعية في لبنان.
ويمنح معظم اللاجئين في لبنان وثيقة سفر
سارية لمدة عام واحد؛ أما اللاجئون غير المسجلين، فإنهم يمنحون وثيقة سفر سارية
لثلاثة أشهر فقط. ويحصل اللاجئون المسجلون لدى الأنروا على وثيقة سفر يمكن تجديدها
ثلاث مرات. أما اللاجئون المسجلون لدى اتحاد جمعيات الهلال الأحمر اللبناني منذ
عام 1948، ولكن لم يتم تسجيلهم لدى الأونروا في عام 1950، فإنهم أيضاً يحصلون على
وثائق سفر يمكن تجديدها لثلاث مرات، ولكن تتميز هذه الوثائق عن الوثائق الممنوحة
للاجئين المسجلين لدى الأونروا بخاتم "صالح للعودة". وتتضمن فئة اللاجئين الذين يحق لهم فقط الحصول
على وثيقة سفر سارية لمدة ثلاثة أشهر هؤلاء غير المسجلين لدى الأونروا وغير
المسجلين لدى اتحاد جمعيات الهلال الأحمر اللبناني.
ولا يحق للاجئين الفلسطينيين في لبنان
الانتفاع بالرعاية الصحية العامة وغيرها من الخدمات الاجتماعية، في الوقت الذي لا
يستطيع معظمهم دفع تكاليف الرعاية الصحية الخاصة. ولا يتمكن أغلب اللاجئين لضيق
الحال من الالتحاق بالمدارس والجامعات اللبنانية. حيث يسمح للأجانب بأن يكونوا فقط
عشرة بالمائة من تلاميذ المدارس اللبنانية المملوكة للدولة. وبناء على هذا فإن
الأنروا تدير خمس مدارس ثانوية في لبنان لتعليم اللاجئين الفلسطينيين. وفيما يتعلق
بقسم التربية والتعليم في كلية الآداب بجامعة لبنان، والذي يتخرج منه المدرسون
الذين يعملون في المدارس الثانوية اللبنانية، فإنه لا يقبل الطلبة الفلسطينيين.
ولا يحق للاجئين الفلسطينيين في لبنان تملك
العقارات والممتلكات، كما أن هناك قيوداً مفروضة على إقامة المباني في المخيمات
الفلسطينية أو حولها. ولا يحق للفلسطينيين العمل في الحرف والأعمال المهنية التي
تستدعي مهارات خاصة، بما يتضمن: الصيدلة، والإعلام، والطب، والقانون، والتعليم،
والهندسة؛ فلا يسمح لهم إلا بالعمل في عدد محدود من المهن. ولا يمكن للفلسطيني أن
يبحث عن عمل دون الحصول على تصريح عمل مسبقا، والذي يصعب الحصول عليه عادة.
وفقا لمصادر عدة، هناك 66.5 في المئة من
مجموع اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان يعيشون تحت خط الفقر. بينما تبلغ
نسبة البطالة في أوساط اللاجئين الفلسطينيين في لبنان 56%.
ورغم
وجود مقترحات قوانين أدرجت منذ سنوات على جدول أعمال المجالس النيابية اللبنانية
المتلاحقة لتعديل الإجحاف بحق الفلسطينيين فيما يتعلق بتملك العقارات السكنية، أو
المشاريع أو غيرها، أو حق العمل؛ إلا أن أيا من هذه المشاريع – على ما يعتريها من
ضعف- لم تر النور حتى الآن. ويعود السبب بشكل أساسي إلى التجاذبات و/أو الصفقات
السياسية الداخلية.
المطلب الثاني: الأوضاع الاجتماعية للاجئين الفلسطينيين في
لبنان.
يبلغ
عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان حاليا نحو 192 ألفا (174,422 لاجئا فلسطينيا في
لبنان و17,706 لاجئين فلسطينيين من سوريا). اللاجئون الفلسطينيون في لبنان وفي
سوريا الذين يعيشون في جوار مواقع
فلسطينية عديدة في البلاد وفي 12 مخيما تواجه إقصاء من المجتمع الذي
يعتبرهم أجانب ويستبعدهم من التمتع بمعظم الحقوق المدنية والإجتماعية الإقتصادية.
ويمنع
الفلسطينيون في لبنان من تملك العقارات والعمل في أكثر من ثلاثين مهنة بما فيها
جميع المهن الحرّة. وإستنادا الى مسحٍ أجرته الجامعة الأميركية في بيروت والأونروا
العام 2015: يعاني 89 في المئة من اللاجئين الفلسطينيين من سوريا من
العوز (وهم لا يستطيعون تلبية إحتياجاتهم الغذائية وغير الغذائية المحددة بمبلغ
6,84 دولارا أميركيا/ للفرد الواحد في اليوم الواحد).
9
في المئة يعيشون في فقر مدقع (ويعجزون عن تلبية الحاجيات الغذائية الأساسية
المحددة بنسبة 2,4 دولار أميركي/ للفرد الواحد في اليوم الواحد).
65
في المئة من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان يعانون من الفقر في حين يعيش 3 في
المئة في فقر مدقع.
56
في المئة من اللاجئين الفلسطينيين عاطلين عن العمل.
على
المستويين المجتمعي والأسري، لا تزال الممارسات التأديبية العنيفة شائعة. وهي تؤثر
على 81,7 في المئة من الأطفال الفلسطينيين اللاجئين في لبنان و77 في المئة من
الأطفال الفلسطينيين اللاجئين من سوريا. وتستخدم عمالة الأطفال وزواجهم في شكلٍ
متزايد كآلياتٍ للتغلب على القيود المالية المتزايدة.[11]
المطلب الثالث: الأوضاع الاقتصادية للاجئين الفلسطينيين في
لبنان:
انعكست
الأزمة المالية والاقتصادية والسياسية التي تعصف بلبنان على الواقع المعيشي للاجئ
الفلسطيني الذي يرزح تحت أوضاع اقتصادية واجتماعية صعبة.
ويقول
علي فياض "إن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان يعانون من أزمة اقتصادية صعبة
ومعقدة جراء انعكاس الأزمة الاقتصادية في لبنان، وأيضاً الحرمان من الحقوق
الإنسانية وخاصة حق العمل وحق التملك للاجئين الفلسطينيين في لبنان، وأيضاً نتيجة
تراجع خدمات "الأونروا" بسبب شح الموازنة وقطع المساعدات من الولايات
المتحدة الأمريكية".[12]
يقول
لاجئ فلسطيني في مخيم برج البراجنة "الحياة اختلفت كثيراً، لا يمكن الشراء
على سعر صرف الدولار اليومي، أضعف الإيمان كيلو البصل بـ 5 آلاف ليرة لبنانية كان
سعره 750 ليرة لبنانية".[13]
وتقول
لاجئة فلسطينية: "لم أجد أي شيء في السوق لأشتريه بسبب غلاء الأسعار، الغلاء
دبحنا دبح"، مضيفة: "أنا أعمل وراتبي لا يكفي 10 أيام، لدي ولدان عاطلان
عن العمل، نحن في ضائقة ومستصعبين هذا الوضع ونتمنى أن ينخفض سعر صرف
الدولار".[14]
المبحث
الثالث: اللاجئون الفلسطينيون في لبنان وآفاق المستقبل
نشأت
مأساة اللاجئين منذ ما يزيد على نصف قرن، وتحديداً مع نشوء الدولة الصهيونية،
اليهودية على أرض فلسطين عام 1948. ومأساة اللاجئين هي إحدى التجليات المؤلمة
لنكبة فلسطين. وتجمع معظم المصادر على أن أكثر من 800 ألف فلسطيني قد أرغموا على
الهرب من ديارهم، والتشرد في فلسطين نفسها، وفي الأقطار العربية المجاورة. وهؤلاء
اللاجئون ينتمون إلى كل مدن وقرى فلسطين خاصة إلى نحو 500 قرية أزال الإسرائيليون
معالمها بعد أن استتب لهم الأمر. كما أسفرت حرب حزيران عام 1967 عن نزوح جديد، وتقدر
الأطراف العربية عددهم بأكثر من 800 ألف بينما تقترب التقديرات الإسرائيلية
والأمريكية من ربع مليون نازح.
يتواجد
الشعب الفلسطيني اليوم في أكثر من 130 دولة ويحملون نحو 33 جنسية عدا الجنسية
الأردنية. ويبلغ عدد أفراد الشعب الفلسطيني قرابة ثمانية ملايين. وفي تقدير أمريكي
فإن العدد اقترب من سبعة ملايين نسمة عام 1995.
وفي
فلسطين الانتدابية نفسها يعيش 46% من أبناء الشعب الفلسطيني منهم 13% في الأراضي
المحتلة عام 1948 بينما يعيش في أراضي الضفة وقطاع غزة 33%. ويعيش 41% في الدول
العربية المجاورة لفلسطين المحتلة.
ويبلغ
عدد اللاجئين الذين يعيشون في المخيمات نحو مليون فلسطيني بينما يعيش الآخرون في
المدن والقرى خارج المخيمات. وبحسب إحصاءات "الأونوروا" فإن عدد
اللاجئين الكلي هو 3.4 مليون لاجئ وهذا العدد لا يمثل العدد الفعلي للاجئين. إذ لا
تشمل إحصاءات الأونوروا اللاجئين غير المسجلين لديها فمن المعروف أن عدداً هاماً
من اللاجئين غير مسجل لدى الأونوروا وفي تقديرات أوردها الدكتور أسعد عبد الرحمن
فإن العدد الكلي يصل إلى خمسة ملايين لاجئ.
ووفقاً
لما أوردته الأونوروا فإن لديها الأعداد التالية من اللاجئين المسجلين في 59 مخيم
للاجئين:
ـ 1.4 مليون
في الأردن ينتشرون في عشرة مخيمات.[15]
ـ 359 ألف
لاجئ في 12 مخيم في لبنان.
ـ 365 ألف
لاجئ في عشرة مخيمات في سوريا.
ـ 542 ألف
لاجئ في الضفة الغربية يعيشون في 19 مخيم.
ـ 750 ألف
لاجئ في قطاع غزة يعيشون في ثمانية مخيمات.
وهناك
نحو 150 إلى 200 ألف لاجئ داخل الأراضي المحتلة لعام 1948.
بتقديري
سوف يمارس الإسرائيليون ضغوط نفسية هائلة على الجانب الفلسطيني ولسوف يستعينوا إذا
أمكنهم ذلك بالضغط الأمريكي، ولسوف يهددون في اللحظات الساخنة بمقايضة الدولة بملف
اللاجئين. سيوافقون على دولة من المعروف سلفاً أنها شكلية مقابل التخلي عن حق
العودة والتعويض أيضاً. إن هذا الاحتمال وارد. ولا يمكن التكهن برد مفاوضي السلطة
الفلسطينية على هذا الابتزاز المحتمل. هناك من سيقول إنه لا يمكن إرغام إسرائيل
على القبول بالعودة لذا ينبغي الاكتفاء بالدولة ريثما تتغير الظروف.
وهناك
من سيخشى على تفجر الوحدة الوطنية للشارع الفلسطيني وبالتالي سيواصل الإصرار على
المطالبة بحق العودة. وأتصور أن السلطة الفلسطينية لا تستطيع التنازل عن هذا الملف
دون أن تغامر تماماً بفقدان شرعيتها التمثيلية. والانتقال لموقع العداء للأماني
الوطنية. وأمام هذا الحساب المتوقع سوف يصل الطرفان إلى طريق مسدود فاتحين الطريق
لضغوط شعبية. وربما دولية. ولو سلمنا بأن السلطة الفلسطينية رضخت للابتزاز
والمقايضة وقبلت بالدولة وأغلقت ملف اللاجئين. فإن الفلسطينيين سيكتشفون بسرعة أن
الدولة ليست كل شيء ولا يمكن أن تقبل كنهاية للمطاف، كخاتمة مرضية للصراع.
إن
الدولة ستكون خدعة محدودة المفعول. ولن يطول الوقت ليستعيد الشعب الفلسطيني هدفه
الجوهري بالعودة واسترجاع وطنه، وسيكتشف الإسرائيليون بدورهم أنهم أعطوا أكثر مما
يجب. بانسحابهم من مناطق تستغل لإضعافهم. وسيعود الجميع إلى صفر الأزمة التاريخي
في مواجهة الحقيقة وهي لا حل بدون عودة اللاجئين لوطنهم.
هناك
تكتيك تفاوضي قد تلجأ إليه إسرائيل لتفجر العقدة المستعصية خاصة إذا اصطدمت بثبات
الموقف الفلسطيني المدعوم عربياً. والمسنود بضغط دولي. يتمثل هذا التكتيك بقبول
إسرائيل نظرياً لحق العودة مع وقف التنفيذ. بمعنى خلق آليات معقدة للتنفيذ على
طريقة اتفاق أوسلو فكل شبر يتم التفاوض عليه مرات ومرات. وهنا سيتم التفاوض على
عودة كل شخص عدة سنوات.
إن
القبول الإسرائيلي بعودة جزئية ليس مستبعداً، فكثيراً ما أشارت وسائل الإعلام
الإسرائيلية إلى إمكانية السماح بالعودة لمائة ألف لاجئ.
إن
خطورة تكتيك القبول بحق العودة مع وقف التنفيذ تكمن في أنه سيشل الإيقاع النضالي
للشعب الفلسطيني لفترة يصعب تقديرها الآن، وسيربك الطرف الرسمي الفلسطيني على أكثر
من مستوى.
وعلى
صمود الشعب الفلسطيني تتوقف حقيقة اكتشاف الإسرائيليين لوهم حل سياسي وتسوية
ومصالحة تستبعد حق العودة. الإسرائيليون يجازفون بالتحول إلى الطرف الآخر على خطوط
التماس والخنادق والمتاريس التي يمكن أن تصبح حقيقة الحياة اليومية لطرفي الصراع
إذا استمرت لعبة الخداع الحالية.
ليس
من المنطقي أن تقبل عقول الإسرائيليين حقيقة أنهم يعودون إلى فلسطين التي تركوها
قبل آلاف السنين حسب زعمهم بينما لا يعود إليها أهلها، وبيوتهم على مرمى الحجر من
أبصارهم، الحجر الذي لم يزل يحمل بصمات أيديهم، أيدي اللاجئين الذين شردتهم
إسرائيل.
ليس
من المنطقي أن تفترض إسرائيل أن الشعب الفلسطيني سيقبل التخلي عن وطنه مهما طال
أمد التشرد. إن الفرصة الوحيدة المتاحة أمام الإسرائيليين لتسوية نزاعهم التاريخي
مع ضحاياهم الفلسطينيين هي تركهم يعودون لبيوتهم وأرضهم. وبدون هذا يظل هؤلاء أسرى
لعبة الدم والعنف الجهنمية.
أجد
من المناسب التذكير بحقيقة مرة تكمن في تصدير إسرائيل أزمتها، أزمة وجودها، إلى
العمق العربي، إلى العالم العربي، فببقاء اللاجئين في عدة أقطار عربية تكمن أخطار
مستقبلية حقيقية، فهذه الأقليات اللاجئة قد لا يكون مرغوباً فيها في لحظات ما. فأي
هبوب لرياح الإقليمية قد يحرك السواكن. وإذا ما قامت دولة فلسطينية فسوف يصبح
الوضع أصعب. أن أكثر من قنبلة موقوتة تزرع في الجسم العربي، إن بذور الفتنة تكمن
وربما لا تموت وفق الأمنيات. والدولة المنتظرة، لا تستطيع أن تعدهم بأن يكونوا
مواطنيها.
فهي
كنقيضها الإسرائيلي دولة الوعد، وليست دولة الوطن "إن الاستمرار بتجمعات
اللجوء الفلسطيني خاصة في الجوار العربي سيعزز لا محالة حالة لا استقرار واسعة.
والقول بحل عادل وشيك للقضية الفلسطينية من خلال الدولة بدون حل عقدتها هو مجرد
وهم ومغالطة مفضوحة. إن مأساة اللاجئين المفتوحة ستبقى جمر القضية متقداً ينفض من
حين لآخر رماد سلام موهوم".
[1]
الأمم المتحدة حقوق الانسان مكتب المفوض السامي: https://cutt.us/m08Ww
[2]
الدكتور شريف كناعنة، "الشتات الفلسطيني
هجرة أم تهجير"، طبعة أولى، 1992، القدس ص64 .
[3]
دلالة على محاولة الفلسطينيين المحافظة على
أرضهم انتخابهم للمجلس الإسلامي عام 1922 الذي كان له دور رئيسي في صيانة الأراضي
من الغزو اليهودي عن طريق شراء الأراضي العرضة للبيع، وإقراض آخرين قروضاً ليصرفهم
عن بيع أراضيهم.
[4]
"الاقتلاع.. الحماية.. واستعادة الحقوق
الفلسطينية في القدس"، إعداد مركز بديل، نيسان 1999، ص 8-11.
[5]
د. أسعد عبد الرحمن، "موقع اللاجئين
وقضيتهم في الإستراتيجية الفلسطينية"، تقرير
صادر عن دائرة شؤون اللاجئين، ص1
[6]
الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني https://cutt.us/JJ99p
[7]
"اللاجئون الفلسطينيون في لبنان"،
تقرير صادر عن دائرة شؤون اللاجئين، 1998. https://cutt.us/oBu5h
[8]
"حق العودة.. حملة الدفاع عن حقوق
اللاجئين"، منشورات بديل، الطبعة الثانية، 2000، ص 23.
[9]
مجلة شهرية تصدر عن "شمل تعنى بشؤون
اللاجئين"، العدد5، الأحد 8 تشرين أول 2000.
[10]
وفا، حقوق اللاجئين https://info.wafa.ps/ar_page.aspx?id=4030
[11]
البرنامج الفلسطيني لليونيسف https://cutt.us/CRB8R
[12]
الأوضاع
الاقتصادية تخنق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان https://cutt.us/sSQP0
[13]وكالة سبوتنك
انهيار الليرة... https://cutt.us/nH2QG
[14]
وكالة سبوتنك انهيار الليرة... https://cutt.us/nH2QG
[15]
وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينين https://cutt.us/rubV0
تعليقات
إرسال تعليق