تأثير المقاومة
الفلسطينية بغزة على الامن "الإسرائيل" بعد فك الارتباط 2005م-2021م :
مقدمة:
بدأت
"إسرائيل" بالانسحاب من قطاع غزة في 15 أيلول 2005 م ، في اطار خطة
الانسحاب "الإسرائيل" من قطاع غزة حيث قامت بإخلاء المستوطنات "الإسرائيلية"
والمواقع العسكرية للجيش
"الإسرائيل" ، ومعبر رفح البري على الحدود
الجنوبية لقطاع غزة مع جمهورية مصر العربية ً ، في 12 أيلول (سبتمبر) 2005 وقد تم
إخلاء قطاع غزة من المستوطنين والقوات العسكرية تماما ، وأعادت تلك القوات
انتشارها من جديد ، خارج حدود القطاع الشمالية والشرقية ، فيما أبقت سيطرتها على معابر
القطاع ، وعلى أجوائه ومياهه الإقليمية ومع استكمال خطوة الانسحاب ، التي أطلق
عليها "الإسرائيليون" خطة فك الارتباط من طرف واحد ، وخطة الفصل الأحادي
الجانب ، وأطلق عليها الفلسطينيون ، إعادة انتشار القوات "الإسرائيلية" ،
وبعدها بعام تحديدا 2006
أجريت الانتخابات الفلسطينية التشريعية ما نتج عنه فوز حركة حماس بأغلبيه وتشكيلها
للحكومة الفلسطينية العاشرة برئاسة السيد إسماعيل هنية والتي مثلت النهج المقاوم الرافض للتنازل أو
التفاوض او الاعتراف ب "إسرائيل"،
على إثر ذلك حوصرت هذه الحكومة وقوطعت إقليميا ودوليا ونظرا لرفض الأجهزة
الأمنية التعاطي مع الحكومة الجديدة، شكّل وزير الداخلية آنذاك الشهيد سعيد صيام
قوة مساندة تعرف بـ"القوة التنفيذية"، لكن حركة فتح شنت عليها حملة
واسعة وصلت لحد الاصطدام مع الأجهزة الأمنية الأخرى، وذلك بالتزامن مع حملة
اغتيالات في غزة.
في نهاية المطاف وتحديدا عام 2007 حسمت حماس عسكرياً
سيطرتها على قطاع غزة. وفرض الحصار المشدد على غزة، وقامت حكومة حماس بتوفير الأجواء
المناسبة للمقاومة الفلسطينية بغزة لتمارس أنشطتها العسكرية وتراكم القوة ثم خاضت
غزة أربعة حروب مدمرة مع "إسرائيل" 2008-2009 و 2012 و2014 و2021 وعشرات
الجولات التصعيدية بين الفصائل الفلسطينية بغزة والاحتلال "الإسرائيل"، كل
ذلك كان له العديد من التبعات الأمنية والعسكرية على "إسرائيل" وكذلك
على غزة والمقاومة فيها.
مشكلة البحث
تعددت الآراء والتقييمات حول نتائج الانسحاب "الإسرائيل"
من قطاع غزة في أيلول 2005 ، فقد كان الانسحاب "الإسرائيل" أحادي الجانب
من القطاع ، دون أي اتفاق سياسي مع السلطة الفلسطينية ، التي تعتمد في مرجعيتها
السياسية إلى اتفاق اوسلو ، وهو عبارة عن ضربة سياسية لهذه السلطة ، لصالح
المقاومة التي اعتبرت أن صلابتها التي أبدتها في وجه الاحتلال ، هي السبب الرئيسي
لهذا الانسحاب ، الذي وصفته بالاندحار والهروب، في نتائج الانتخابات التشريعية
وهذا الأمر خلق حالة اختلال سياسي وأمني ، وهو ما ظهر جليا في كانون ثان (يناير)
2006 ، بفوز حركة حماس التي تمثل نهج المقاومة، وكذلك تراكم قوة المقاومة بغزة
والتي خاضت على اثرها أربعة حروب وعشرات جولات التصعيدات وبناء على ما سبق ذكره ،
ينبثق التساؤل الرئيس ، الذي حاولت الدراسة الإجابة عليه على النحو
التالي: ما هو تأثير المقاومة في قطاع غزة على الامن "الإسرائيل"
بعد فك الارتباط؟
الأسئلة الفرعية
·
ما التحولات
السياسية الداخلية التي طرأت على غزة بعد فك الارتباط؟
·
ما الفاعلون
المسؤولون عن الفعل المقاوم في قطاع غزة ؟
·
ما هي التحولات
التي طرأت على القدرات العسكرية لفصائل المقاومة في غزة بعد فك الارتباط؟
·
كيف تم توظيف
القدرات العسكرية لفصائل المقاومة في التأثير على الامن "الإسرائيل"؟
·
ما تأثير البيئة "الإسرائيلية"
الداخلية على واقع المقاومة بعد فك الارتباط؟
·
ما الإجراءات
العسكرية التي أقدم عليها الاحتلال في مواجهه المقاومة؟
·
ما التأثيرات
العسكرية لفعل المقاومة على "إسرائيل"؟
·
ما تأثيرات
المقاومة على الواقع السياسي في "إسرائيل"؟
·
ما تأثيرات فعل
المقاومة على الواقع الاقتصادي في "إسرائيل"؟
·
ما تأثيرات فعل
المقاومة على الواقع الاجتماعي في "إسرائيل"؟
أهداف الدراسة:
·
التعرف على واقع قطاع غزة بعد الانسحاب "الإسرائيل" من النواحي
السياسية والأمنية
·
التعرف على الفاعلين المسؤولين عن الفعل المقاوم في قطاع غزة
·
التعرف على التحولات التي طرأت على القدرات العسكرية لفصائل المقاومة في
قطاع غزة
·
التعرف على الإجراءات "الإسرائيلية" في مواجهة المقاومة
الفلسطينية بقطاع غزة
·
التعرف على التأثيرات العسكرية لفعل المقاومة على "إسرائيل"
أهمية الدراسة:
تكمن
أهمية الدراسة
في بيان التأثيرات
المختلفة للمقاومة الفلسطينية على الأمن القومي ("الإسرائيل")،
التي توضح
حجم الأزمة التي تعانيها ("إسرائيل") جراء وجود المقاومة الفلسطينية على
رأس الحكم في قطاع غزة،
وقدرتها على المزاوجة بين الحكم والمقاومة.
منهجية البحث والأدوات:
(تم استخدام المنهج التاريخي + المنهج الوصفي+ المنهج
التحليلي
أدوات البحث المقابلات +مطالعة الادبيات)
حدود البحث:
(الحد الزماني 2005-2021)
الحد المكاني (دولة
الكيان "إسرائيل"- قطاع غزة)
الحد الموضوعي
(تأثير المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة على الامن "الإسرائيل")
الإطار النظري:
الأمن: يعتبر مفهوم الأمن من أكثر المصطلحات السياسية إثارة للجدل لارتباطه
ببقاء الأفراد والشعوب والدول واستمرارها، وقد تعددت تعريفات الأمن من حيث المضمون
أو مستوى التحليل أو الوسائل والأطراف المعنية به.
الأمن في اللغة هو (نقيض الخوف) والفعل الثلاثي (أمِن)
أي حقق الأمان، قال ابن منظور: "أمنت فأنا آمن، وأمنت غيري أي ضد أخفته،
فالأمن ضد الخوف[1]،
والأمانة ضد الخيانة، والإيمان ضد الكفر، والإيمان بمعنى التصديق، وضده التكذيب،
فيقال آمن به قوم وكذب به قوم".[2]
ويعرف الدكتور محمد مصالحة الأمن بأنه: "حالة من
الإحساس بالطمأنينة والثقة التي تدعو بأن هناك ملاذًا من الخطر"، أو أنه: "
يَخُل من وجود تهديد للقيم الرئيسة (سواء أكانت قيمًا تتعلق بالفرد أو
بالمجتمع). الأمن مجرد أداة لحمايتها".[3]
أما بوث Both وويلر Wheeler فيؤكدان على
أنه: "لا يمكن للأفراد والمجموعات تحقيق الأمن المستقر إلا إذا امتنعوا عن
حرمان الآخرين منه، ويتحقق ذلك إذا نظر إلى الأمن على أنه عملية تحرر".[4]
أما باري بوزان Barry Buzan فيرى أنه: "في
حالة الأمن يكون النقاش دائرًا حول السعي للتحرر من التهديد"[5]
أما هنري كيسنجر فيعرف الأمن بأنه: "أي تصرف يسعى
المجتمع عن طريقه لتحقيق حقه في البقاء".[6]
ويضيف بادوين مصطلح المأزق المجتمعي الذي يعرفه بأنه: "تدني
احتمالات الضرر بأي من القيم المكتسبة"[7]
فالأمن هو "القدرة على التحرر من تهديد رئيس للقيم
العليا الفردية والجماعية، وذلك من خلال جميع الوسائل الممكنة للحفاظ على حق
البقاء على الأقل، أو هو غياب التهديد للقيم الأساسية.
الأمن القومي:
يمكن أن نستخلص أنّ مفهوم الأمن القومي مرّ بمرحلتين
مهمتين نتيجة التطورات العالمية: في المرحلة الأولى نُظِر إليه بالنظرة
الاستراتيجية الضيقة وهي صد هجوم عسكري معادٍ، وحماية الحدود من الغزوات الخارجية،
والمحافظة على الاستقلال الوطني.[8]
وفي المرحلة الثانية صار على الدولة أن تؤمّن مواطنيها
سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً ضدّ أخطار متعددة فرضتها طبيعة الانفتاح
الواسع على العصر الحديث.[9]
بدون أدنى شك أن المقاومة وسيلة من الوسائل الكفاحية لكل
حركات التحرر في العالم حين يتعرض أي من الشعوب إلى الاحتلال أي كان هذا الاحتلال. إن من حق الشعوب ممارسة كل وسائل المقاومة وهذا ينطبق
على الشعب العربي الفلسطيني الذي يرزخ تحت اطول إحتلال عنصري استيطاني يتمثل فى
الإحتلال "الإسرائيل"، منذ وعد بلفور عام 1917 ذلك الوعد المشئوم الذي
ساعد وشارك في إعطاء وطن قومي للمهاجرين اليهود على أرض فلسطين وقد توالى الدعم من
الدول الاستعمارية في تقديم كل إمكانيات الدعم المادي والمعنوي واللوجيستي على
حساب حقوق الشعب الفلسطيني.
المقاومة،
مفهوم إنساني، وحق مشروع، معروف في القوانين الدولية، والأعراف الإنسانية، وله
ضوابطه وروابطه وآدابه وثقافته وأخلاقه. والمقاومة، في مفهومها العام، هي ردة فعل
مجتمعية واعية، ضد واقع مرفوض، أو غير مشروع، أو لمواجهة استبداد، أو استعباد أو
ظلم أو تمييز أو احتلال...الخ،
ويزخر التراث الثقافي الإنساني، بظواهر متنوعة من المقاومة، يتفاعل معها الناس.
وترتبط قدرتها على تحقيق أهدافها، بدرجة احتضان المجتمع لها، وإدراكها السليم
للتحديات التي تواجهها، وامتلاكها الوعي والرؤية المتماسكة والخلاقة، والبنية
التنظيمية، والقيادة المؤمنة بقوة الفكرة المقاومة، والإرادة الواعية. وإمكانيات
يقتضيها زمنها، ومهارات متراكمة في حشد الطاقات... وتتنوع صور المقاومة، عنفا أو
لا عنف، ولكل مقاومة خصوصياتها الوطنية والتاريخية، والتي تنبع من واقع مجتمعها،
والسياقات الاجتماعية والسياسية التي تحيط بها، وطبيعة نشاطها وعملياتها، والنتائج
المترتبة عليها. وهناك من يتعامل معها، كظاهرة سياسية، مرتبطة بالحكم والسيادة وحق
تقرير المصير ومن أمثلة المقاومة.
المقاومة الليبية ضد الاستعمار الإيطالي التي ما انقطعت
من بداية العدوان الإيطالي عام ١٩١١ تقدم نموذجاً في هذا الإطار، ولعل أبرز اسم في
المقاومة الليبية هو الشيخ المجاهد الشهيد عمر المختار، الذي أصيب وسقط على الأرض
جريحاً وحوكم محاكمة صورية لم تدم ساعة وصدر الحكم بإعدامه عام ١٩٣١، واستمر
الليبيون في المقاومة وتقديم تضحيات عظيمة في سبيل تحرير وطنهم حتى خرج آخر جندي
إيطالي في يناير ١٩٤٣.
المقاومة السورية ضد الانتداب الفرنسي نموذج آخر، فعلى
طول فترة الانتداب من عام ١٩٢٠ الى الجلاء عام ١٩٤٦ لم يتردد السوريون في المقاومة
ومحاربة التقسيم الاستعماري رغم قوة الفرنسيين وتفوقهم، وبرزت شخصيات وطنية عملاقة
كالشيخ صالح العلي وإبراهيم هنانو وسلطان باشا الأطرش وكان شعار السوريين «اننا
سوريون بالولادة، لكننا قوميون بالارادة وسنحمل السلاح ونواصل النضال حتى يرحل آخر
جندي فرنسي عن ارض الوطن»، وفعلاً في ١٧ أبريل ١٩٤٦ اندحر الجيش الغازي وهو ما سمي
بعيد الجلاء تتويجاً لنضال طويل مليء بالبطولات والتضحيات.
المقاومة الفييتنامية في مواجهة الاحتلال الفرنسي ثم
الأميركي قدمت نموذجاً مهماً، وإن حظيت فييتنام بدعم من روسيا والصين (المعسكر
الشرقي) إلا أن موازين القوى لم تكن متكافئة أبداً، هُزم الفرنسيون هزيمة نكراء
عام ١٩٥٤ في معركة ديان بيان فو، وفي عام ١٩٧٥ تجرع الأميركيون مُر الهزيمة حيث
أقلعت آخر مروحية أميركية حاملةً سفيرها معها، وقُدر قتلى الفييتناميين مليون ومئة
ألف قتيل، بينما قدّر قتلى الأميركيين بـ ٥٧٥٠٠ قتيل، ومع هذا كانت تُعتبر هزيمة
نكراء للأميركيين، فلم يحقق القتل الأميركي الانتصار، بل جلب هزيمةً وعقدةً استمرت
لفترة طويلة في العقل السياسي والعسكري الأميركي.
نتذكر أيضاً المقاومة الجزائرية للاستعمار الفرنسي الذي
استمر لمدة ١٣٢ عاماً ومارس فيه الفرنسيون أنواع الجرائم من قتل وإبادة وتجهيل
وتهجير، وفي المقابل تشجيع استيطان الفرنسيين، ورغم هذه الظروف الصعبة إلا أن
الجزائر تحررت في نهاية الأمر من الاستعمار الفرنسي، وانتهى الاستيطان الفرنسي في
الجزائر وفي عام ١٩٦٢ أُعلن استقلال الجزائر بفضل المقاومة المسلحة على مدار قرن
وثلث من الزمان.
في حالتنا الراهنة أمام العدو الصهيوني قدمت المقاومة
الباسلة في لبنان بتحريرها أرض الجنوب الحجة العملية التي دحضت أوهام المستسلمين
المتمسكين باتفاقيات الذل مع العدو، بعد أن كان الصهاينة يمنون النفس ببناء
مستوطناتهم في الجنوب في عام الاحتلال الأول عام ١٩٨٢ كما ذكر السيد حسن نصر الله
في إحدى خطبه، لكن المقاومة الشرسة التي واجهها الصهاينة منذ لحظة وجودهم الأولى
في لبنان جعلتهم يصرفون النظر عن هذه الفكرة.
ولقد شهدنا في فلسطين تاريخا زاخراً بالمقاومة إمتد منذ
1891م وحتى يومنا الحالي زادت حدة المقاومة الشعبية عام 1987 و2000م في إنتفاضة
الحجارة وإنتفاضة الأقصى ثم الانسحاب الصهيوني من غزة عام 2005م ومراكمة المقاومة
للقوه وخوضها أربعة حروب 2008م و 2012م و2014م و 2021م وعشرات جولات التصعيدات.
الفصل الأول: بيئة المقاومة في قطاع غزة
بعد فك الارتباط:
في 12 أيلول/
سبتمبر 2005 سحبت "إسرائيل" قوّاتها ومستوطنيها من قطاع غزة، بعد احتلال
دام عقود، كان أرييل شارون يومها رئيس الوزراء، جاء الانسحاب بعد الضغط الذي
شكّلته المقاومة الفلسطينية على قوات الاحتلال، خصوصا مع بدء الانتفاضة عام 2000،
خاصة ما عُرف بحرب الأنفاق التي استهدفت خلال السنتين اللتين سبقتا الانسحاب،
مواقع حصينة للجيش "الإسرائيل" في القطاع، الأمر الذي رفع الكلفة
الأمنية على حكومة الاحتلال، ودفعها للهروب بالإضافة الى ما أطلق عليه شارون في
حينه خطة "فك الارتباط" بهدف تخفيف الأعباء الاقتصادية والمادية على
حكومة الاحتلال، بلغ عدد المستوطنات التي انسحبت منها "إسرائيل" من
القطاع، حسب خطة أرئيل شارون، 21 مستوطنة موزّعة على محافظات غزة الخمس: رفح وخان
يونس والوسطى وغزة والشمال.
بعدها بعام شكلت حركة حماس الحكومة العاشرة برئاسة
إسماعيل هنية بعد فوزها بأغلبية بالانتخابات التشريعية عام 2006م هذه الحكومة تبنت
النهج المقاوم وتركت العنان للمقاومة لتراكم قوتها، شكل قطاع غزة في ظل هذه
الحكومة أرضاً خصبة للمقاومة وللعمل المقاوم فحوصر قطاع غزة بحصار خانق برا وجوا
وبحرا قامت "إسرائيل" بفرضه على قطاع غزة إثر نجاح حركة المقاومة
الإسلامية حماس في الانتخابات التشريعية في 2006، ثم شددت "إسرائيل"
الحصار في 2007 ولا زال مستمراً إلى اليوم، يشتمل الحصار على منع أو تقنين دخول
كافة المواد الأولية والمحروقات والكهرباء والكثير من السلع والبضائع التي يحتاجها
الفلسطينيون ومنع الصيد في عمق البحر، وغلق المعابر بين القطاع والأراضي المحتلة
عام 48.
خاضت المقاومة عديد جولات التصعيدات واربع حروب مدمرة ورغم
الحرب "الإسرائيلية" المفتوحة ضد القطاع بغطاء دولي وصمت رسمي عربي،
تصدت المقاومة وأبناء القطاع للعدوان ولم تتوقف الصواريخ عن استهدف المتسوطنات
والمواقع "الإسرائيلية" ونجحت المقاومة بإصابة نقاط بعيدة في الداخل
المحتل.
المبحث الأول: البيئة السياسية
والتنظيمية والعسكرية الداخلية بعد فك الارتباط:
سمات النظام السياسي الفلسطيني
بعد فوز حركة المقاومة الإسلامية (حماس) كشفت نتائج الانتخابات التشريعية الثانية عام (2006م)، والتـي حققـت حركـة
المقاومـة الإسلامية (حماس)
فوزاً ساحقاً، ضعف النظام السياسي الفلسطيني، حيث أصبح للشعب الفلـسطيني قيادتان
هما، منظمة التحرير الفلسطينية وتسيطر عليها حركة فتح، والسلطة الفلـسطينية
وتتقاسـمها حركة حماس مع حركة فتح، حيث تسيطر حركة حماس على المجلس التـشريعي
وبـذلك تـشكل الحكومة الفلسطينية، بينما حركة فتح تسيطر على مؤسسة الرئاسة، ولعل
تداخل الصلاحيات بين مؤسسة الرئاسة والحكومة كان موجوداً مـن قبـل، بـين الـرئيس الفلسطيني
ياسر عرفات من جهة، وبين رئيس حكومته محمود عباس، الذي قدم استقالته بسب عـدم قدرته
على الاستمرار في عمله، لتدخل الرئاسة في صلاحياته، كذلك الأمر مع خليفته أحمد
قريـع، الذي هدد بالاستقالة عدة مرات قبل وفاة عرف.
وتعد حركة حماس حركة وطنية فلسطينية، تعمل مع شعبها في الداخل والخارج، ومع
مجموع القوى والفصائل الوطنية الإسلامية على مقاومة الاحتلال الصهيوني، وتحرير
الأرض والقدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية، وعودة اللاجئين والنازحين، وإنجاز
المشروع الوطني الفلسطيني، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة الحقيقية،
والعمل على خدمة شعبنا في أماكن وجوده كافة بكل الوسائل وفي جميع المجالات،
بما يمكنه من الصمود والثبات، وتحمل تبعات المواجهة مع الاحتلال.[10]
وفي صبيحة التاسع والعشرين من كانون
الثاني/ ينـاير2006م، وبعـد أن أعلنـت لجنـة الانتخابات المركزية نتائج الانتخابات
التشريعية لعام 2006م، أصبحت حركة المقاومـة الإسـلامية (حماس) داخل النظام
السياسي الفلسطيني، وتسيطر على أحد أهم مكونات السلطة الفلسطينية وهـو المجلس
التشريعي الفلسطيني، وكلفها الرئيس محمود عباس حسب القانون الأساسي بتشكيل الحكومة
الفلسطينية العاشرة، فعملت حماس جاهدة على تطبيق المبادئ العامـة فـي برنامجهـا
الانتخـابي وخصوصاً ما يتعلق بالشراكة السياسية، ففتحت خطوط حوار مع الكل الوطني
الفلسطيني من أجـل تشكيل حكومة وحدة وطنية.
لقد اصطدم النظام السياسي الفلسطيني بعد
فـوز حركـة المقاومـة الإسـلامية (حمـاس) بالانتخابات التشريعية بإشكالية، فالسلطة
الفلسطينية أنشئت بقرار من منظمة التحريـر الفلـسطينية، وحركة حماس لا تعترف
بوحدانية تمثيل المنظمة لكل مكونات الشعب الفلـسطيني، كـون حركـة حماس ومعها بعض
القوى الفاعلة على الساحة الفلسطينية هي خارج إطار منظمة التحرير.
تفاقمت الأزمة بين مكونات النظام السياسي
الفلسطيني، وسيطرت حركة فتح على مؤسـسة الرئاسة، والتي بدورها سيطرت على المفاصل
الهامة، ومـن أهـم مـا سيطرت عليه الرئاسة من مؤسسات كانت تخضع في السابق تحت إمرة
الحكومة الفلسطينية هـي:(المؤسسة الإعلامية والتي تتكون من هيئة
الإذاعة والتلفزيون- الهيئة العامة للاستعلامات- وكالـة الأنباء الفلسطينية وفا)،
وسلطة المعابر، وقيادة الأمن الوطني، وتعيين قائد لقوات الأمن الداخلي.
أما حركة حماس والتي شكلت حكومتها العاشرة
منفردة، لم تستطع ممارسة الحكم بـشكل حقيقي وفعال، كون الغالبية من قطاع الموظفين
هم من عناصر وقيادات حركة فـتح، ومـن هنـا التبست العلاقة بين المؤسستين، حيث خضعت
العلاقة بينهما إلـى اعتبـارات داخليـة ومـؤثرات خارجية، فالمحيط الإقليمي
والمجتمع الدولي كان يرغب في تطويع حركة حمـاس، ودفعهـا نحـو القبول بمشاريع
التسوية والتزامات منظمة التحرير الفلسطينية، ففرضت شروط الرباعيـة الدوليـة، وهي
الاعتراف ب"إسرائيل"، ونبذ العنف، والالتزام بالاتفاقيات الموقعة.
فرفضت حركة حماس الشروط، ففرض حصار سياسي
واقتصادي على الشعب الفلسطيني وقطعـت الرواتب عن آلاف الموظفين، وسادت أجواء من
الفوضى والانفلات الأمني، حتى وصلت الـساحة الفلسطينية إلى أحداث حزيران/ 2007م،
وسيطرت حركة حماس عسكرياً على قطاع غزة، واستقر الحال في الضفة الغربية للرئيس
محمود عباس وحركة فتح.
كما وجدت حماس وحكومتها بعد سيطرتها على قطاع
غزة أمام تحـديات كبيـرة، حيـث فرض حصار سياسي واقتصادي، وأغلقت المعابر المؤدية
إلى قطاع غزة، وتم إغلاق معبر رفـح المنفذ الوحيد لقطاع غزة على العالم الخارجي، فعملت حركة حماس وحكومتها وبدعم مـن بعـض
قوى الممانعة في المنطقة وخصوصاً إيران، على تسيير حياة النـاس، وقيامهـا بـصرف
رواتـب الموظفين، والذين بلغوا حتى نهاية عام 2009م، أكثر من 30 ألف موظف.
وساهمت حكومة حماس بتوفير الأجواء المناسبة للعمل
المقاوم لمختلف التنظيمات الفلسطينية، ويعد قطاع غزة مقراً
لعدد من التنظيمات الفلسطينية المسلحة، التي تعاظمت قوتها بشكل كبير في السنوات الخمسة عشر الماضية، وبات القطاع يشكل عقدة
أمنية بالنسبة ل"إسرائيل"، ويواجه المفاوضون الفلسطينيون و"الإسرائيليون"
أسئلة صعبة تتعلق بمصير أو قيمة أي اتفاق سلام مستقبلي بينهما، في ظل تنامي وتعاظم
قوة التنظيمات الفلسطينية المسلحة في قطاع غزة، وعدم رغبتها أو استعدادها للتخلي
عن سلاحها، فوفق تقرير
شامل حول موضوع التعاظم العسكري لحركة حماس في قطاع غزة من إعداد مركز المعلومات
حول الاستخبارات والإرهاب في مركز تراث الاستخبارات "الإسرائيل".
"إن انفصال "إسرائيل"
عن قطاع غزة (خلال شهر آب 2005) أوجد واقعاً جديداً على أرض الواقع وقد حث هذا
الواقع الجديد على إقامة منطقة نفوذ واضحة ومميزة لحركة حماس في قطاع غزة، تدأب حركة حماس بخطوات
حثيثة على القيام بعملية تعاظم عسكري".[11]
"على هذه الخلفية تقود حماس عملية حثيثة من التعاظم
العسكري، تقف في صلبها منظومتان رئيسيتان: منظومة الأمن الداخلي، التي تقف في
صلبها القوة التنفيذية التي تشكل الذراع الرئيسة لحماس في مجال سيطرتها على الساحة
الداخلية، والذراع العسكرية التي تقف في صلبها كتائب عز الدين القسام...تجدر
الإشارة إلى أنه فيما لو تحقق سيناريو توغل الجيش "الإسرائيل" في قطاع
غزة، فسوف يندمج بعض النشطاء في منظومة الأمن الداخلي وبعض النشطاء من المنظمات
الإرهابية الأخرى في الخطة الدفاعية لكتائب عز الدين القسام."[12]
من السابق يتضح
التالي:
·
أن
المقاومة والحكومة في غزة العلاقة بينهما علاقة طردية فإن كانت الحكومة من حماس
فالمقاومة تزداد، وان كانت الحكومة لا تتبنى فكر المقاومة فالمقاومة تضف.
·
برزت
قوة حركة حماس بعد سيطرتها على غزة وقلق الاحتلال من تعاظم قوتها.
·
افشلت
صواريخ حماس نظرية العمق الاستراتيجي بتجاوز الصواريخ إلى وسط ""إسرائيل"".
فشل "إسرائيل" في تحقيق مبدأ الردع والحرب السريعة الخاطفة خلال عدوان ۲۰۰۸م.
المبحث الثالث: البيئة الإقليمية:
- المواقف الإقليمية من فوز حركة المقاومة الاسلامية
حماس بالانتخابات التشريعية عام 2006م:
انقسمت
الدول الإقليمية الفاعلة في المنطقة عقب فوز حماس في الانتخابـات، فهنـاك دول رأت
أن فوز حركة المقاومة الإسلامية (حماس) يشكل خطراً على عملية الـسلام وعلـى
مـستقبل السلطة الفلسطينية، وهناك من يرى أن فوز حماس هو نصر لمحور الممانعة
والمقاومة في المنطقة العربية. وسوف تتناول
مواقف كل من: "إسرائيل" – جامعة الـدول العربيـة- مـصر-الأردن -سوريا- قطر- إيران-تركيا.
موقف
"إسرائيل":
بعد
رفض حماس الاعتراف بشروط الرباعية الدولية، شعرت "إسرائيل" بمـأزق
سياسـي وقانوني، كون اعتراف حماس ب"إسرائيل" يكسر حاجز التطبيع العربي
مع "إسرائيل" كون الحركـة تمتلك شعبية في الشارع العربي تؤهلها إلى
تسويق الضغوط الدولية على بعض الدول العربيـة من أجل التطبيع مع "إسرائيل"،
لذلك قامت "إسرائيل" منذ اللحظـة الأولـى بحمـلات دبلوماسـية لمقاطعة
حكومة حماس، وقامت أيضاً هي بتنفيذ خطوات على الأرض حيث شـددت الحـصار الاقتصادي
على مناطق السلطة الفلسطينية، ومنعت أموال الضرائب الفلسطينية مـن الوصـول إلى
خزينة السلطة الفلسطينية، مما تسبب في أزمة اقتصادية أثرت على كافـة منـاحي
الحيـاة اليومية للمواطن الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة. وعلى الرغم من دعوات العديد من القوى
بضرورة إعطاء حماس فرصة إلا أن "إسرائيل" أغلقت الأبواب ومارست نفوذاً
على العديد من الدول.
موقف
مصر:
مصر
لديها من الخصوصية في تعاملها مع الشأن الفلسطيني الكثيـر، ففلـسطين بالنـسبة لمصر
هي امتداد للأمن القومي المصري، ولها روابط تاريخيـة وحـضارية، فكـان التعامـل
المصري مع فوز حماس يحتاج إلى دراسة معمقة، كون الحركة الإسلامية هي امتداد
لجماعـة الإخوان المسلمين المحظورة في مصر، ولكن مصر لم تغلـق البـاب فـي وجـه
الحكومـة الفلسطينية، بل تعاملت معها، وشابت العلاقة بين مصر وحماس في بعـض
الأحيـان تـوترات ناتجة عن طبيعة التحالفات في المنطقة.
جامعة الدول العربية:
حذر
عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية، الولايات المتحدة من ممارسة الكيل
بمكيالين قائلاً: لا يمكن أن تسعى واشنطن لتعزيز الديمقراطية فيما ترفض نتائج هذه
الانتخابات الديمقراطية. وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية على هامش منتدى
دافـوس الاقتـصادي العالمي بسويسرا:
إن حماس ستظهر وجهاً آخر في الحكم. وأضاف إذا كانت حمـاس ستـشكل حكومة وهي في موقع
السلطة بحيث تكون لديها مسؤولية الحكم والتفـاوض والوصـول إلـى السلام، فسيكون هذا
شيئاً مختلفاً عن تنظيم حماس الذي ينتشر أفراداً في الشارع.
وأشار
موسى إلى ضرورة وجود شريكين للسلام، داعياً "إسرائيل" بعد الانتخابات
المقرر إجراؤها في مـارس/ 193 آذار
القادم، إلى مساعدة الفلسطينيين أياً كانت حكومتهم للمضي نحو السلام.
موقف
الأردن:
ما
يميز الأردن عن غيره من الدول أنه لا يقيم أصلاً أي علاقات من أي نوع مـع حركـة
حماس، لذا اكتفى الملك عبد االله بدعوة الأطراف "إلى ضرورة مواصلة العملية
السلمية، ولكنها رفضت
استقبال الوفد الحكومي التابع لحركة حماس برئاسة د محمود الزهار و اعتبر نائب رئيس
المكتب السياسي لحركة حماس موسى أبومرزوق رفض الاردن استقبال وزير الخارجية
استجابة للضغوطات الامريكية على المملكة معربا عن اسفه لقرار الحكومة[13].
الموقف
السوري:
تعد
سوريا من أكثر الدول سعادة بفوز حركة حماس، كون هذا الفـوز يؤكـد علـى نهـج
المقاومة والممانعة التي تتبناها دمشق، وتدفع ثمناً باهظاً مقابل ذلك.
الموقف
الإيراني:
رحبت الجمهورية
الإسلامية الإيرانية بفوز حركة حماس بالانتخابات التـشريعية وتـشكيلها الحكومة
الفلسطينية العاشرة ووعدت بتقديم الدعم السياسي والمالي للحكومـة، وبالفعـل أوفـت
إيران بوعودها وقدمت دعماً سخياً للحكومة الفلسطينية التي شكلتها حركة حماس.
الموقف
القطري:
منذ
اللحظة الأولى لإعلان نتائج الانتخابات التشريعية، رحبت قطر بالعملية الديمقراطيـة
وبفوز حركة حماس، وهذا ما جاء على لسان أميرها الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني عندما
قال: " إن
قطر ترى أن حماس جاءت بطريقة انتخابية وربما تكون أنزه انتخابات حصلت فـي العـالم 198 العربي، ولذلك علينا أن ندعم حماس في
هذه المرحلة.[14]
وقادت
مبادرات بين حركة حماس والعديد من الدول التي لا تتعامل مع الحركـة، حيـث ذهب وزير
خارجية قطر حمد بن جاسم إلى الأردن والتقى بالملك عبد االله الثاني، وحمل معـه
مبادرة إعادة العلاقات بين الأردن وحماس، فقد أشارت المصادر إلى أن " الوساطة
تهدف إلـى إحداث حالة من الانفراج في العلاقة إثر إبعاد الأردن لقادة حركة حماس في
العام 1999 إلـى دولة
قطر"[15]،
"
وأشارت تلك المصادر إلى
أن الحكومة الأردنية لم تتحفظ على زيـارة وفـد دولة قطر
" الحركة، إلا أنها اشترطت استقبال رئيس
المكتب السياسي خالد مشعل كقائـد فلـسطيني لأحـد 200
الفصائل الفلسطينية.[16]
أيضاً
تدخلت قطر عند دولة "إسرائيل"، وهذا ما تحدثت فيه وزيرة الخارجيـة "الإسرائيلة" تسيفي ليفني حيث
" كشفت أن دبلوماسياً قطرياً اتصل بها وهي في واشنطن، الأسبوع الماضي، وعرض
أن تكون بلاده وسيطاً بين "إسرائيل" وحماس لعقد هدنة طويلـة الأمـد،
وقالـت إنهـا رفضت العرض على الفور معللة ذلك بأنه لا يوجد ما نتباحث فيه مع هذه
الحركة وليست هناك أرضية مشتركة
بيننا"[17]
ترى
الدراسة أن موقف قطر لم يقتصر على المبادرات والوساطة بـين أطـراف إقليميـة ودولية
وحركة حماس الفلسطينية، وإنما تجاوز ذلك إلى السلوك العملي، حيث تعتبر دولة قطـر من أكثر الدول الخليجية
انفتاحاً وتمويلاً للحكومة الفلسطينية التي شكلتها حركة حماس، وللسلطة الفلسطينية.
المواقف الدولية من
نتائج الانتخابات التشريعية
مثل
الموقف الدولي ضمن موقف اللجنة الرباعية والتي تضم كلاً من الولايـات المتحـدة
الأمريكية والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا الاتحادية، " حيث دعت
اللجنـة الرباعيـة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إلى التخلي عن العنف،
والاعتـراف بحـق "إسرائيل" فـي الوجود، وذكرت اللجنة في بيان أصدرته
وزارة الخارجية الأمريكية أن حلاً يقوم على دولتـين يستوجب تخلي جميع المشاركين في
العملية الديمقراطية عن العنف والإرهاب، وموافقتهم علـى حق "إسرائيل" في
الوجود ونزع أسلحتهم كما توضح ذلك خريطة الطريق.[18]
وأضـاف
البيـان – الذي
لم يذكر حماس بالاسم- أن اللجنة الرباعية تكرر تأكيد وجود تناقض أساسي بـين نـشا المجموعات المسلحة
والمليشيات وبناء الدولة " دعوة
اللجنة الرباعية للوساطة في الشرق الأوسط إلـى نبـذ مـا أسـموه «العنـف» واعترافها ب"إسرائيل" إذا
شاركت في حكومة فلسطينية.
الفصل الثاني: آليات المقاومة تجاه "إسرائيل"
في مواجهتها:
منذ السنوات الأولى للقضية الفلسطينية، وبدء الاحتلال "الإسرائيل""
للأراضي الفلسطينية، شكلت المقاومة بأشكالها المختلفة إحدى ركائز العمل الجماهيري،
وبرزت تشكيلاتها التي تفاوتت في تأثيراتها على مجريات الأحداث السياسية العاصفة في
فلسطين. فقد وضع الفلسطينيون منذ الأيام الأولى لاحتلال بلادهم تقاليد المقاومة
المدنية الطويلة، وشملت الاحتجاجات والإضرابات والمظاهرات. وأجادوا استعمال الرموز
التي تعتبر من مقومات المقاومة الشعبية، واستخدموا الأعلام السوداء وشارات الحداد
وإغلاق الدكاكين ومصاريع النوافذ وإخلاء الشوارع من الجمهور، ورفعوا الأعلام
الوطنية، وغيرها من أساليب المقاومة المختلفة. ومثلت هذه المقاومة تحولا في معادلة
الصراع، مع اندلاع انتفاضة الحجارة أواخر عام ۱۹۸۷م،
وحتى نهاياتها أواخر عام ۱۹۹۳، من خلال نهوض جماهيري شامل للشعب الفلسطيني، التحم مع
الطليعة التي تزايدت قدراتها وخبراتها على مدى عقود طويلة فور احتلال سنة 1948م في
وحدة وصفها مراسل صحفي ياباني بأنها "تضم جميع الأجيال ابتداء من ابن السابعة
حتى ابن السبعين، وإن كانت النظرة الموضوعية الأحداث المقاومة الشعبية تشير إلى
أنها كانت جما للرؤى السابقة، بحيث جاء انتقالها من مرحلة لأخرى، طبيعيا ومتوقعا
في ضوء قناعة الفلسطينيين المتزايدة، بأن ما هم فيه يسرع من تحقيق هدفهم المتمثل
بالتحرر من الاحتلال.
وفي إستراتيجية المقاومة الشعبية البيضاء، توزع عبئها
على قطاعات الشعب المختلفة، فشارك طلبة المدارس والجامعات في التظاهرات
والمواجهات، ونظمت اعتصامات للمثقفين والمعلمين والعمال والنساء، وشكلت الخيار
الأول للفلسطينيين بداية المرحلة، أما إستراتيجية المواجهة المرتكزة على المقاومة
المنظمة المسلحة والمقاومة الدفاعية، فأنت في وقت لاحق بعد نضوج ظروفها وتهيئتها،
وتوجيهها ضربات موجعة في خاصرة الاحتلال. وتواصل مراكمة إنجازاتها الصغيرة
المتفرقة، وطورتها انسجاما مع معرفتها الحقيقة بقوانين المقاومة الشعبية والمدنية،
وسعت لتطوير فعلها المقاوم وتركيزه في عدة اتجاهات، فيما تواصل سياقها
"الروتيني" الحافل باستخدام كافة وسائل وأدوات المقاومة التقليدية.
وساعد في انتقال صدى المقاومة لكل حارة وشارع، ومخيم وقرية، اتساع نطاق فعالياتها
يوميا، وانتقالها من مرحلة لأخرى، مما اقتضى تصاعد حركة الجماهير الهادفة التحقيق
التحرير، وقدرة قواها على تعبئتها بمفاهيم ثورية، واستخدام التكتيك والاستراتيجية،
والعمل بشكل دؤوب لزيادة فعالية الجماهير وعطائها، وإضعاف جبهة المحتل وتفكيكها.
بعد الانتفاضة الثانية أحدثت العمليات الاستشهادية ارباكاً
في أمن "إسرائيل"" متجاوزة مفهوم الحدود الآمنة، شلت العمليات
النوعية داخل الكيان حالة من الذعر وفقدان مفهوم الأمن الشخصي، العلميات المسلحة
منعت السياحة إلى "إسرائيل"" مما أدى إلى تدهور الوضع الاقتصادي.[19]
المبحث الأول: اليات المقاومة بعد فك
الارتباط 2005م:
واجهت "إسرائيل" بعد عام 2005
العديد من التحديات والتهديدات، كان من أهمها البرنامج النووي الإيراني ودعم إيران
للأنشطة العسكرية ضد "إسرائيل""، وصعود حركة حماس في السلطة
التنفيذية الفلسطينية[20]، وسيطرتها على قطاع غزة.
يقول
غلعاد شارون، نجل رئيس الحكومة الراحل أريئيل شارون، في مقاله بصحيفة يديعوت
أحرونوت، ترجمته "عربي ۲۱"،
أنني "التقيت مؤخرا بأحد سكان مستوطنة "رفيح يام" السابقة، وقال لي
إن والدك أنقذنا من أنفسنا، من الجنون الذي عشناه، كم أقنعنا أنفسنا أننا نحيا
حياة طبيعية، لكننا كنا نعيش تحت منجل الموت الذي كانت تلوح به حماس فوق رؤوسنا،
وأوشكت أن تتصدر المشهد في الشرق الأوسط.[21]
المقاومة الفلسطينية (2006-2011 م)
السبت 27 ديسمبر/كانون الأول 2008
استخدمت قوات الاحتلال الطائرات المحملة بالقنابل الثقيلة من وزن طن
ووصل عدد غاراته إلى ما يزيد عن 1000 غارة جوية، وسعت "إسرائيل" لبث الرعب وإثارة السكان ضد المقاومة
في قطاع غزة، صمدت المقاومة واستبسلت واستمر اطلاق
الصواريخ نحو البلدات المحاذية لقطاع غزة.
كان هناك فشل "إسرائيليا" واضحا في مبادئ
النظرية الأمنية في عدوان سنة ۲۰۰۸ على غزة: الفشل في سياسة الردع ونقل المعركة إلى أرض
العدو"، والفشل في تحقيق أي إنجاز في أي معركة برية خاضها الجيش "الإسرائيل"،
الفشل الذريع في وقف قصف العمق ""الإسرائيل"" طيلة أيام الحرب
باستخدام المقاومة الصواريخ، وضربة هيبة الجيش الذي لا يقهر، الفشل في مفهوم الحرب
السريعة الخاطفة إذ استمرت الحرب لأكثر من ۲۰ يوما.
قاد هذا الفشل إلى استقالة وإقالة قادة فرق، وقائد
الجبهة الشمالية، ورئيس هيئة أركان الجيش، وقائد سلاح البحرية، ووزير الدفاع.[22]
المقاومة
الفلسطينية من عام (2012-2021م)
العدوان "الإسرائيل" عام 2012 على غزة: بدأ العدوان ال"إسرائيل"
على غزة يوم 14 نوفمبر بعد استشهاد القيادي في كتائب القسام أحمد الجعبري، في
غارتين "إسرائيليتين" استهدفتا مركبتين وسط غزة.
عملت المقاومة الفلسطينية على استيعاب الصدمة وامتصاصها، حيث عملت
بشبكة معقدة تحت الأرض من خلال أنفاق المقاومة، وكان هناك استهداف للطائرات "الإسرائيلة" لأول مرة في
محاولة لإصابتها أو تحييدها عن أهدافها، وقد نجحت في إصابة بعضها.
إضافة إلى ذلك تطور أدوات المقاومة باستخدامها منصات إطلاق صاروخية
ذات تحكم إلكتروني وموجهة بالليزر؛ أنبأ عن تحسن نسبي في ميزان القوة لصالح
المقاومة، أفضى لتمكينها من تعظيم قدرتها على المناورة.
كسرت
المقاومة هيبة الردع ""الإسرائيلة"
وفرضت قواعد اشتباك جديدة على الرغم من اختلال ميزان القوي بين الطرفين، إذ كانت
صواريخ المقاومة ومداها وأعدادها وأزمنة انطلاقها جزءا
أساسيا من تكتيكاتها، إذ استهدفت "تل أبيب" وشمالها في
"هرتسليا"، وكذلك القدس عن مدى تعدى ال80
كيلو متر، وهددت رموز الكيان كالكنيست الصهيوني، ووصلت حتى للمستوطنات في الضفة
الغربية.[23]
العدوان "الإسرائيل" سنة 2014 على غزة:
بدأت
الحرب، الساعة الواحدة، من فجر الثامن من يوليو، حينما قصفت "إسرائيل"
منزل المواطن "محمد العبادلة"، من بلدة القرارة، جنوبي القطاع، وتلا ذلك عمليات قصف
مكثفة لأنحاء متفرقة من قطاع غزة، قبل أن تعلن "إسرائيل" عن إطلاق مسمى
"الجرف الصامد"، على عمليتها العسكرية الجديدة.[24]
وتصدت المقاومة الفلسطينية، وبخاصة
كتائب القسام، الجناح المسلح الحركة المقاومة الإسلامية حماس، للحملة العسكرية "الإسرائيلة"، وبحسب مراقبين فإن
أحداثا جرت في الضفة الغربية، بالإضافة إلى تشديد الحصار على قطاع غزة، مهدا
لاندلاع الحرب،
ومن هذه الأحداث، خطف وحرق عدد من المستوطنين "الإسرائيليين" للطفل محمد أبو خضير، من
مدينة القدس، في ۲
يوليو/ تموز من ذات العام.
كما أدى حادث اختطاف 3 مستوطنين يهود
في الضفة الغربية على يد مسلحين فلسطينيين، إلى تزايد التوتر بشكل كبير، حيث اتهمت
"إسرائيل" حركة حماس بالمسؤولية عن الحادث، وهو ما نفته الحركة.[25]
تطور المقاومة خلال
عدوان 2014:
·
عملية
زكيم وتطور وسائل المقاومة عبر البحر وظهور وحدة الضفادع البشرية الخاصة التابعة للمقاومة أو ما
يسمى "الكوماندوز البحري".
·
تطور
ترسانة الصواريخ حيث شملت ترسانة المقاومة خلال الحرب صاروخ 107 مداه 12 کم، صاروخ جراد مداه 40
كم، صاروخ مقادمة 75-M،
صاروخ الجعبري 80-ل، صاروخ رنتيسي 160-R، صاروخ براق 100،
وكلهم صنع محلي.
·
عمليات
التسلل يعتبر مبدأ نقل المعركة لأرض العدو من أهم المبادئ العملية في العقيدة
الأمنية وجاءت عمليات الانزال خلف الخطوط التي نفتها المقاومة لتكسر ها المبدأ
منها الهجوم على القاعدة البحرية زكيم، تلتها عمليات مختلفة منها نحل عوز فرضت على
العدو أن يدافع عن نفسه قبل أن يهاجم وينف مناورة برية، إضافة إلى المفاجأة
الكبيرة التي حققتها العمليات.
·
الأنفاق
الدفاعية: بدأت المقاومة وعلى نطاق ضيق استخدامها للأنفاق الدفاعية خلال عدوان 2008، حققت شبكة الأنفاق
الدفاعية الممتدة تحت أراضي غزة مستوى عاليا من القيادة والسيطرة، واستمرارية للتواصل بين
القيادة الميدانية والجنود واستمرارية للسيطرة والتحكم بالعمليات،
إضافة إلى إخفاء وستر المقاومين وتوفير حماية عالية تقلل من فرص وقوعهم في مرمى
نيران جيش الاحتلال.
المسيرات
الشعبية السلمية (مسيرات العودة الكبرى):
انطلقت
مسيرات العودة الكبرى وفعالياتها بالأراضي المحتلة في ۳۰ مارس/آذار (۲۰۱۸)، والتي يفترض أن تتواصل
حتى الخامس عشر من مايو/أيار المقبل (۲۰۱۸)،
وهو الموعد المحدد لنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس المحتلة، ويلعب
هذا التوقيت وسياقات الحدث الداخلية والإقليمية والدولية "والإسرائيلية" دورا مهما في تحديد
مالاته وتداعياته المختلفة.
وتحمل
هذه المسيرات في طياتها طاقة كامنة للتأثير على موازين القوى في الساحة الفلسطينية
واتجاهات العلاقات الداخلية وإحداث تحول على البيئتين الإقليمية والدولية للصراع،
إلى جانب انعكاساتها على أنماط التعاطي "الإسرائيل" مع القضية
الفلسطينية، لكن
لم تمتد مسيرات العودة إلى الضفة الغربية بشكل يماثل ما يجري في غزة.
رغم أن التصور المبدئي للمسيرات أن
تعم كل الأراضي الفلسطينية المحتلة،
ولا يمكن تفسير هذا التباين إلا بالقيود الأمنية التي
تفرضها السلطة الفلسطينية على التحركات الشعبية بالضفة الغربية إما التزاما
باتفاقات التعاون الأمني مع "إسرائيل" أو من خشية محمود عباس من أن
تستغل أطراف من داخل السلطة ومن القوى الإقليمية هذه المسيرات لإضعافه تمهيدا
لإزاحته[26]، مسيرات
العودة ما هي إلا مرحلة من مراحل نضال الشعب الفلسطيني من أجل القضية الفلسطينية
وإضعاف موقف المحتل أمام العالم.
العدوان
"الإسرائيل"" على غزة عام ۲۰۲۱م:
مع حلول شهر رمضان، وتحديدا في 13 أبريل/نيسان بدأت كرة
العدوان "الإسرائيل"" في مدينة القدس، ثم أخذت تتدحرج إلى الضفة
الغربية والمدن العربية داخل ""إسرائيل""، ثم قطاع غزة. بدأت
شرارة المواجهة بالاعتداء على عشرات الفلسطينيين ومحاولة منعهم من التواجد في ساحة
"باب العامود"، واشتدت، مع دعوة جماعات "الإسرائيلية" متطرفة
إلى "حرق العرب"، والتداعي لاقتحام واسع للمسجد الأقصى في 28
رمضان، وردا على تلك الانتهاكات، أطلقت فصائل فلسطينية في غزة عشرات الصواريخ على
المستوطنات "الإسرائيلية" القريبة من القطاع[27].
اتجهت هذه المعركة نحو استراتيجية مقاومة شاملة فكانت في
أساسها دفاعا عن شيء مقدس في نظر الأمة العربية والإسلامية ووجدت دعما وتأييدا
كبيرا وتحرك فيها كل من عرب الداخل المحتل وغزة والضفة الغربية وكانت القدس
والأقصى عنوان الصراع.
خلاصة كل ما سبق:
·
بعد تولي حركة حماس قطاع غزة تطورت المقاومة الفلسطينية
المسلحة على كافة الأصعدة.
·
ضعفت المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية بفعل الاتفاق
ما بين السلطة الفلسطينية والاحتلال "الإسرائيل".
·
تستمر حماس في مراكمة القوى والاعداد.
·
شكلت الأنفاق قوة دفاعية للمقاومة.
·
شكلت المعركة الأخيرة مفهوما جديدا ألا وهو توازن الردع.
المبحث الثاني: اتجاهات "إسرائيل"
في مواجهه المقاومة:
على الرغم من
تنازل "إسرائيل" عن تواجد ثابت لقواتها العسكرية في قطاع غزة منذ أيلول
2005، فإنها لا تزال تحتفظ بالسيطرة على العناصر الأساسية للحياة المدنية في قطاع
غزة، خاصة عن طريق فرض التقييدات على تنقّل الأشخاص والبضائع. جزء من تقييدات
التنقّل هذه على سكان قطاع غزة كانت قد بدأت منذ سنوات التسعينات. تقييدات أخرى –
مثل المنع المفروض على خروج طلاب جامعيين من قطاع غزة للدراسة في الضفة الغربية،
ووقف تغيير مكان الإقامة لسكان قطاع غزة في الضفة – فُرضت عام 2000، بعد اندلاع
الانتفاضة الثانية، ولازالت على حالها حتى اليوم. ها هي بعض معالم مواجهه "إسرائيل"
للمقاومة الفلسطينية وحاضنتها الشعبية في قطاع غزة على مدار العقد الأخير:
2005: انسحبت "إسرائيل"
من قطاع غزة بعد أن أزالت القواعد العسكرية الدائمة والمستوطنات المدنية التي كانت
قائمة فيه. وأعلنت "إسرائيل" عن مساحة تمتد على طول حدودها مع قطاع غزة،
وتشكل ما نسبته 17% من مساحته، منطقة "محظورة" يُمنع الفلسطينيون من
الوصول إليها. وجرى التوصّل إلى التوقيع على اتفاقية المعابر، بوساطة الولايات
المتحدة الأمريكية، حيث نصت على فتح معبر رفح وتسيير الحافلات والشاحنات بين قطاع
غزة والضفة الغربية. وبالفعل، تم فتح معبر رفح، غير أن "إسرائيل" لم
تسمح بتسيير الحافلات والشاحنات بين القطاع والضفة.
2006: فازت حركة
حماس في الانتخابات التشريعية في الضفة الغربية، بما فيها شرقي القدس، وقطاع غزة.
ومنعت "إسرائيل"، في آذار من نفس العام، العمال من قطاع غزة من دخول "إسرائيل"،
واتبعت بعد ذلك سياسة لتقتصر خروج السكان من قطاع غزة ليقتصر فقط على “حالات
إنسانية مُستعجلة". في حزيران، وبعد أسر جندي "إسرائيل"ي على يد
أفراد جماعات مسلحة في غزة، شنت "إسرائيل" العملية العسكرية “أمطار
الصيف" على قطاع غزة، والتي خلالها قصفت محطة توليد الطاقة هناك. وأغلقت مصر
معبر رفح، ولم تفتحه إلا لمرور الحالات الإنسانية بين الفينة والأخرى. كما قلصت "إسرائيل"
مساحة الصيد المسموح بها في بحر غزة إلى ستة أميال بحرية.
2007: انهيار
حكومة الوفاق الفلسطينية واستيلاء حركة حماس على مقاليد السلطة في قطاع غزة
بالقوة. وأعلنت "إسرائيل" عن قطاع غزة “إقليمًا معاديًا". وفي سياق
سياسة “الحرب الاقتصادية"، أغلقت "إسرائيل" معبر “كارني"، وهو
المعبر التجاري الرئيسي الذي كان مخصصًا لعبور البضائع إلى قطاع غزة وخروجها منه،
لتبقي فقط على حزام ناقل للحبوب وعلف الحيوانات، الذي استمر بالعمل حتى شهر آذار
من العام 2011. كما فرضت "إسرائيل" حظرًا على خروج البضائع المُعدّة
للتصدير من القطاع. وفضلًا عن ذلك، فرضت "إسرائيل" القيود على البضائع
الموردة إلى غزة، حيث قلّصت، لمدة من الزمن، كميات الوقود والكهرباء التي تبيعها "إسرائيل"
للقطاع، واستخدمت المعادلات الحسابية في تحديد كمية الأغذية التي تسمح بدخولها إلى
القطاع بهدف منع حصول كارثة إنسانية. وقلّصت "إسرائيل" مساحة الصيد حتى
ثلاثة أميال بحرية.
2008: العام
الثاني على فرض الإغلاق على قطاع غزة. وافقت "إسرائيل"، كجزء من
اتفاقيات وقف إطلاق النار المؤقتة مع حماس، على توسيع حجم البضائع الإنسانية
الداخلة إلى قطاع غزة بـ 25%، أما التقييدات الأخرى فأبقتها على حالها. خلال هذا
العام، أشارت "إسرائيل" علنًا إلى وضع الإغلاق كوسيلة للضغط على حماس،
وأوقفت، في أحيان مُتقاربة، دخول البضائع المدنية إلى غزة، بما في ذلك الوقود،
ردًا على إطلاق صواريخ من قطاع غزة باتجاه الأراضي "الإسرائيل"ة.
انهارت، في نهاية العام، اتفاقية وقف إطلاق النار، وشنّت "إسرائيل"
عملية “الرصاص المصبوب" العسكرية على قطاع غزة.
2009: العام
الثالث للإغلاق المفروض على قطاع غزة انتهاء العملية العسكرية "الرصاص
المصبوب"، التي قُصفت خلالها خطوط الكهرباء ومحطة توليد الطاقة في غزة،
وقُلّصت بشكل جوهري كمية الوقود التي دخلت قطاع غزة، حتى تحت "الحد الأدنى
الإنساني" الذي وضعته "إسرائيل". ألحق هذا القرار الضرر في قدرة
قطاع غزة الإنتاجية للكهرباء، وتأثرت بذلك البُنى التحتية وخطوط الصرف الصحي
والمياه تنشر "إسرائيل" خلال هذا العام إجراءات تحظر على سكان قطاع غزة
السفر إلى الضفة الغربية لغايات لمّ الشمل.
2010: السنة
الرابعة للإغلاق عقب استيلاء قوات الجيش البحرية "الإسرائيلية" على
أسطول السفن التركي الذي انطلق باتجاه غزة، ألغت "إسرائيل" الحظر الذي
كانت تفرضه على معظم البضائع المدنية الموردة إلى قطاع غزة، ما عدا مواد التي
اعتبرتها على انها "ثنائية الاستخدام"، والتي ضمّت مواد البناء وسعت "إسرائيل"
أيضًا، إلى حد ما، قائمة البضائع التي يصدرها القطاع إلى الأسواق الأجنبية، أما
المنع المفروض على تسويق البضائع من قطاع غزة في الضفة الغربية أو "إسرائيل"
بقي على حاله سمحت السلطات "الإسرائيلية" لكبار التجار من غزة بالسفر
إلى "إسرائيل" والضفة الغربية حسب الأعداد التي حددتها لهذه الغاية.
وفتحت مصر معبر رفح للسفر المنتظم وزادت أعداد المسافرين على مدى السنوات التالية.
2011: العام
الخامس للإغلاق. أعلنت "إسرائيل" أنها ستسمح لما مجموعه 5,000 فلسطيني
بتغيير عناوين إقامتهم من قطاع غزة إلى الضفة الغربية ونفذت هذا الوعد بصورة جزئية
خلال السنوات التالية. خلال العام نفسه، تم توسيع العمل في معبر رفح بشكل كبير،
كما وازداد عبور البضائع المنقولة عبر الأنفاق بين سيناء وغزة. وشنت "إسرائيل"
عملية "عامود السحاب" على غزة.[28]
2012: العام
السادس على الإغلاق لم يتم أبدًا نشر اتفاقية وقف إطلاق النار بين "إسرائيل"
وحماس بعد العملية العسكرية “عامود السحاب"، لكن "إسرائيل" وسّعت
مساحة الصيد حتى ستّة أميال بحرية، وأعلنت أنها تسمح بدخول المزارعين حتى مسافة
100 متر من الحدود.
2013: العام
السابع للإغلاق تغيير الحكم في جمهورية مصر العربية، وإغلاق مُعظم الأنفاق
المُمتدة بينها وبين قطاع غزة في صيف العام نفسه، والتي كانت تُستخدم لنقل
البضائع، كما أغلقت مصر معبر رفح لفترات طويلة. لأسابيع معدودة، سمحت "إسرائيل"
بدخول مواد بناء لصالح القطاع الخاص في غزة، ولكن في أعقاب الكشف عن نفق يمتد بين
قطاع غزة وكيبوتس "عين هَشلوشاه" في "إسرائيل"، منعت "إسرائيل"
بتاتًا دخول مواد البناء منع دخول مواد البناء لغزة أدى إلى انهيار قطاع البناء
هناك، وارتفعت بذلك مُعدلات البطالة فقط بعد مرور مدة زمنية سمحت "إسرائيل"
مُجددًا بدخول مواد البناء لصالح عدد من المؤسسات الدولية. كما وأمرت وزارة الأمن "الإسرائيلية"
خلال هذا العام بإغلاق المعابر من وإلى قطاع غزة ردًا على إطلاق صواريخ باتجاه
أراضيها.
2014: العام
الثامن للإغلاق شنت "إسرائيل" في الثامن من تمّوز 50 يومًا من القصف
العنيف، خلال العملية العسكرية "الجرف الصامد"، بحيث سمحت "إسرائيل"،
في أعقابها، بنقل كميات محدودة من البضائع من قطاع غزة إلى الضفة الغربية ومنحت
المزيد من التصاريح لإدخال مواد بناء إلى القطاع. وزادت "إسرائيل" من
أعداد الزيارات العائلية إلى الضفة الغربية إلى حد ما، وسمحت لكبار السن من
المسلمين من سكان غزة بزيارة شرقي القدس لأداء صلاة الجمعة هناك. سمحت مصر بفتح
معبر رفح بشكل يومي خلال العملية العسكرية "الجرف الصامد"، ولكن في
تشرين الأول، عادت وفرضت المزيد من التقييدات على التنقّل عبر معبر رفح عقب شن
اعتداء على قواتها في شبه جزيرة سيناء. في نهاية العام، تم تأسيس آلية لإعادة
إعمار قطاع غزة، لتيسير دخول مُنتظم ومُراقب لمواد البناء لداخل القطاع مع هذا،
يستمر النقص في مواد البناء، وتطورت سوق سوداء لمواد البناء.
2015: العام
التاسع لفرض الإغلاق على قطاع غزة سمحت "إسرائيل" بنقل كميات محدودة من
مُنتجات قطاع غزة إلى "إسرائيل" لصالح اليهود المُتدينين الذين يُحرم
عليهم تناول المحاصيل "الإسرائيلية" على مدار السنة السبتيّة “شميطاه"
التي تصادف هذه السنة عمل معبر رفح خلال هذا العام فقط لفترات مُتباعدة، وسمح
بتنقّل محدود للأشخاص عبره. وبالرغم من سماح "إسرائيل" بدخول مواد البناء
إلى القطاع في إطار الآلية الخاصة لإعادة الإعمار، تم فرض منع على دخول الألواح
الخشبية والتي يزيد سمكها عن واحد سم، بادعاء أنه بالإمكان استعمالها بهدف بناء
الأنفاق، وقد أدى هذا القرار إلى دخول قطاع الصناعات الخشبية والأثاث في غزة إلى
أزمة.
2018: مساء الحادي
عشر من نوفمبر عام 2018 تسللت قوة "الإسرائيلية"خاصة شرق مدينة خانيونس
جنوب قطاع غزة، بهدف زرع منظومة تجسس للتنصت على شبكة اتصالات المقاومة سرعان ما كشف امرها ومن ثم تحولت لمواجهه بين
المقاومة والاحتلال.[29]
2021: بعد
العدوان "الإسرائيل" على المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح اندلعت حرب غزة
وعرفت باسم "سيف القدس"، كل هذه الحروب أدت الى تفاقم الوضع الإنساني
بقطاع غزة.
حيث يعاني قطاع
غزة من أزمة مستمرة منذ فك الارتباط "الإسرائيل" مع قطاع غزة عام 2005،
وخاصة منذ سيطرة حماس على القطاع، حيث يعاني القطاع من ضائقة اقتصادية واجتماعية
وبنية تحتية سيئة ويتأثر قطاع غزة بالتنافس السياسي والصراع على قيادة المعسكر
الفلسطيني بين حماس من جهة، وفتح والسلطة الفلسطينية من جهة أخرى.
تسببت أربع جولات
من القتال بين "إسرائيل" وحماس (2009 و2012 و2014و2021) في تدمير واسع
النطاق للبنية التحتية المدنية في غزة، واستمر الانهيار الاجتماعي والاقتصادي في
غزة منذ ذلك الحين، لقد فرضت "إسرائيل" حصارا على غزة، الأمر الذي فرض
قيودا شديدة على مرور البضائع والأشخاص من وإلى المنطقة بالإضافة إلى ذلك، قامت
السلطة الفلسطينية في السنوات الأخيرة بتخفيض تحويل الأموال الى قطاع غزة بشكل
كبير ولم تكن ترغب في التعاون مع حكومة حماس.
تقر "إسرائيل"
وتعترف كتابيًا، شفهيًا وعمليًا بالواجب الملقى عليها بمنع وقوع كارثة إنسانية في
القطاع، لكنها لا ترى نفسها ملزمة بأن تفعل أكثر من الحد الأدنى المطلوب لمنع
كارثة إنسانية علاوة على ذلك منذ سيطرة حركة حماس على قطاع غزة عام 2007، تفرض "إسرائيل"
إغلاقًا محكمًا على القطاع، والذي يشمل تقييدات أكثر حدةً على تنقل الأشخاص
والبضائع هذا الإغلاق، الذي يمنع تطور القطاع، أدى إلى تدهور اقتصاد القطاع ومس
بشكل كبير في رفاهية سكانه.[30]
تقييدات على
تنقّل الأشخاص:
منذ تنفيذ خطة "فك
الارتباط"، تصر "إسرائيل" على أنها غير ملزمة بالسماح بالتنقل من
قطاع غزة وإليها عبر المعابر التي تخضع لسيطرتها، وتتبع سياسة بموجبها التنقل
مُتاح فقط كمعروف استثنائي يخضع لمعايير ضيقة.
المنع على التنقل
بين قطاع غزة و"إسرائيل" يعزل مئات الاف من سكان قطاع غزة عن أقربائهم،
ويسلب الكثيرين فرص العمل، والفرصة بالتعليم والتطور المهني والشخصي منع تنقل
الأشخاص بين غزة والضفة هي لبنة أخرى في "سياسة الفصل"، التي تهدف إلى
خلق فصل وعزل تام بين شطري المنطقة الفلسطينية المحتلة عام 1967 ويؤدي ذلك للمس
ليس بحقوق الأفراد فحسب، بل تمس هذه السياسة أيضًا بقدرة عموم الفلسطينيين بتنمية
الاقتصاد، المجتمع والثقافة، وهي من الشروط الأساسية لتحقيق حقهم بتقرير المصير
وللتمتع بحقوق الإنسان الأخرى.
بسبب التقييدات
الصارمة، أصبح معبر رفح الذي يخضع للسيطرة المصرية هو المنفذ الوحيد تقريبًا لتنقل
الأشخاص من قطاع غزة إلى الخارج. منذ تبدل السلطة في مصر في تموز 2013 تقوم
السلطات المصرية بفرض تقييدات على التنقل عبر معبر رفح بشكل كبير، وكثيرًا ما
تغلقه. وبالتالي يتفاقم عزل قطاع غزة عن بقية العالم.
التقييدات على
نقل البضائع:
بعد إغلاق معبر
كارني (عام 2007)، ومعبر صوفا (2008) ومعبر ناحل عوز (2010) وحزام نقل الحبوب وعلف
الحيوانات في معبر كارني (عام 2011)، أصبح معبر كرم أبو سالم المعبر الوحيد لنقل
البضائع من قطاع غزة وإليه، نظرًا لأن مصر لا تسمح تقريبًا بالتجارة عبر معبر رفح
الذي يخضع لسيطرتها. السياسة "الإسرائيلية" بشأن دخول البضائع إلى قطاع
غزة خضعت للعديد من التغييرات خلال العقد الأخير بعد سيطرة حماس على قطاع غزة، بين
الأعوام 2007 و2010، سمح بدخول قائمة محدودة من البضائع تحتوي على بضع عشرات من
المنتجات فقط. بعد ذلك، بعد أحداث الأسطول في أيار 2010 والنقد الجماهيري الذي عقبه،
تغيرت السياسة، ومنذ تموز 2010 بالإمكان لأي بضاعة مدنية الدخول إلى قطاع غزة
باستثناء البضائع المعرفة كمواد “ثنائية الاستخدام"، بادعاء أنها من الممكن
أن تستخدم لأغراض عسكرية. وتضم هذه القائمة منتجات مدنية بحته، ضرورية وحيوية
لإعادة إعمار القطاع، وعلى رأسها مواد البناء – إسمنت، حصى وحديد. وبسبب إدراك
الحاجة بترميم الدمار الهائل الذي سببته العملية العسكرية “الجرف الصامد"، تم
إقامة آلية تهدف إلى إتاحة دخول مراقب لمواد البناء هذه، لكن وتيرة دخول المواد
بهذه الطريقة تجيب فقط على جزء بسيط جدًا من الحاجة.
على مدار سبع
سنوات، فرضت "إسرائيل" حظرًا شاملا على تسويق بضاعة من غزة في الضفة
الغربية وفي "إسرائيل"، وهي الأسواق الطبيعية لمنتوجات غزة. في هذه
السنوات، كمية البضائع التي خرجت من قطاع غزة كانت ضئيلة وتلخصت ببضع شاحنات
معدودة شهريًا، معدة للتصدير في دول أجنبية، عادة كان ذلك في إطار مشاريع ممولة
ومدعومة، وليس كجزء من عملية اقتصادية طبيعية. بعد عملية "الجرف الصامد"
والخراب الذي أحلته على قطاع غزة، سُمح منذ تشرين ثاني 2014 بتسويق منتوجات معينة
في الضفة الغربية وتسويق محدود للبندورة والباذنجان في "إسرائيل" مع
ذلك، بسبب التقييدات والحصص المخصصة بموجب هذه التصاريح، وكذلك بسبب تكاليف نقل
البضائع وتعقيداته، بقي حجم التسويق محدود جدًا، والفائدة الاقتصادية الناجمة عنه
حاليًا قليلة وتقتصر على أشخاص قليلين.
تقييدات التنقل
داخل غزة وفي مياهها الإقليمية
تفرض "إسرائيل"
تقييدات على التنقل أيضًا داخل القطاع. قوات الجيش "الإسرائيل" المنتشرة
خلف الجدار تطلق النار، وأحيانا تتسبب بالقتل، وذلك بهدف تطبيق المنع الذي فرضته "إسرائيل"
على الدخول للأراضي المعرفة كمنطقة عازلة والممتدة على بعد 300 مترًا من الحدود
وعلى طولها. رسميًا، يسمح للفلاحين بالوصول إلى الأراضي الواقع على بعد مسافة 100
متر من الجدار لفلاحتها، لكن عمليًا، محاولات الجيش "الإسرائيل" للتمييز
بين الفلاحين وغير الفلاحين الذين يدخلون إلى هذه المنطقة، دون وجود آلية تنسيق،
يشكل خطرًا على حياة الناس، وبشكل فعلي، يمنع فلاحة هذه الاراضي، ويمس بمعيشة
أصحاب الارض وبحجم الإنتاج الزراعي الذي ينتج في القطاع.
تسمح "إسرائيل"
لصيادي غزة بالإبحار بالمياه الإقليمية التابعة للقطاع، حتى عمق 6 أميال بحرية من
الشاطئ، وأحيانًا كان يتم تقليص هذه المساحة إلى 3 أميال بحرية فقط. أيضا هذه
التقييدات يتم فرضها بواسطة إطلاق النار على من يخرقها. بالإضافة للخطر على حياة
الناس، تقلص هذه التقييدات بشكل كبير إنتاج فرع صيد الاسماك في القطاع.
من السابق يتضح:
·
أن "إسرائيل" فرضت حظراً بحرياً لمنع تهريب
السلاح عبر المياه الإقليمية ووصوله للمقاومة بغزة.
·
أن "إسرائيل" فرضت حصاراً برياً ودمرت الانفاق
لمنع تهريب السلاح والعتاد للمقاومة
·
حاولت "إسرائيل" استخدام الحصار للتأثير على
الحاضنة الشعبية للمقاومة
·
منعت "إسرائيل" تحويل الأموال لغزة وذلك لتمنع
استفادة المقاومة من هذه الأموال
·
منعت "إسرائيل" التواصل بين غزة والضفة
الغربية وذلك لمنع انتقال العمل المقاوم بينهما
·
وضعت "إسرائيل" جميع أجهزة الاستخبارات
والمقدرات العسكرية للتصدي لعمليات المقاومة الفلسطينية بغزة.
·
حاولت "إسرائيل" شن الحروب المتكررة بعد أعوام
قليله من كل حرب وذلك لتحجيم قدرات المقاومة في سياسة عرفت باسم "جز
العشب".
·
بنت "إسرائيل" جدار فاصل يمتد حول قطاع غزة
مهمته الحد من الأنفاق الهجوية.
·
حاولت "إسرائيل" التسلل لغزة عبر وحدة سيرت
متكال لزرع منظومة تجسس على شبكة الاتصالات الخاصة بالمقاومة.
الفصل الثالث: أنماط تأثير المقاومة على
الامن "الإسرائيلي":
عاشت
دولة الاحتلال منذ اندلاع الحرب على غزة، تراجعات ملحوظة على مختلف الأصعدة، بدأت
بالخسائر البشرية والقتلى والجرحى من الجنود والمستوطنين، مرورا بالخسائر
الاقتصادية والاستثمارية، وانتهاء بتراجع واضح لمكانة إسرائيل على المستوى الدولي.
الفلسطينيون،
كما هو معروف، يدفعون ثمنًا أكبر من ذلك بكثير، لكن هذه الحقيقة لا تقلّص الثمن
الذي يدفعه الإسرائيليون، ولا تجعله أقل أهمية.
الثمن
الذي يدفعه الإسرائيليون خلال الحرب هو ثمن الغطرسة، التي تنتشر في صفوف القيادات
الإسرائيلية والجمهور الإسرائيلي إثر الهزيمة العسكرية عام 2006، وجعلت إسرائيل
"متلهفة" لتحقيق أي انتصار مهما كان شكليا.
وفيما
اشتد ضراوة القتال في غزة، وزادت المقاومة من ضراوتها ضد الجيش الإسرائيلي
والمستوطنين، أصبح "ثمن الغطرسة" أكبر فأكبر، الأمر الذي وضع
"كلفة" الحرب تحت منظار جديد ومغاير، ويمكن معاينة خسائر الحرب في أربع
مجالات رئيسة: الاستقرار السياسي؛ الأثمان العسكرية؛ الخسائر الاقتصادية؛ التكلفات
الاجتماعية.
المبحث الأول: التأثير العسكري:
عدوان
2008-2009م مع اندلاع الحرب تضاعفت تكاليف الاحتلال العسكري بشكل ملحوظ، ومنذ ذلك
الحين وضع الجيش الإسرائيلي عددا من الألوية والفرق العسكرية على حدود قطاع غزة
وفي بعض مناطقه المتاخمة، شرقا وشمالا، وخدمت كل وحدة مقاتلة مرة واحدة على الأقل
خلال فترة الحرب التي امتدت ثلاثة أسابيع.
وتبقى
مصروفات الميزانية العسكرية غير معروفة، بسبب عدم الإفصاح عن ميزانية الحرب الإسرائيلية،
وعلى الرغم من ذلك تشتمل مشاريع الموازنة السنوية على أرقام حول زيادات خاصة على
الميزانية العسكرية بسبب "الحرب في غزة".[31]
وإضافة
للتكليفات التي تقع على وزارة الحرب، هناك التكليفات تتحملها وزارة الأمن الداخلي
التي أطلق عليها سابقًا وزارة الشرطة، ومنذ أن بدأت المقاومة استهداف الإسرائيليين
داخل الأراضي المحتلة عام 1948، شرعت الشرطة العادية وحرس الحدود بالعمل تحت سلطة
وزارة الأمن الداخلي كمركبات عضوية للآلة الإسرائيلية الحربية في مواجهة
المقاومين، وتضاعفت ميزانية هذه الوزارة خلال الشهور التي سبقت الحرب.
وقد قدمت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، طلبا
لوزارة المالية يتضمن تقديراتها لتكلفة العدوان على قطاع غزة، وأفادت التقارير أن
التقديرات الأولية تشير إلى أكثر من 5 مليارد شيكل، مليار وربع المليار دولار، حيث
ترددت أنباء حول إمكانية رفضها ومعارضتها لدفع هذا المبلغ، خاصة في ظل العجز
المتوقع للعام 2009، ويتوقع أن يزيد عن 40 مليارد شيكل، 10 مليارد دولار.
كما
أن قدرة الحكومة الإسرائيلية على تمويل تكاليف الحرب، مثلما حصل بعد الحرب على
لبنان، تراجعت بسبب الوضع الاقتصادي، حيث اعتبر عام 2006 بمثابة عام ازدهار
اقتصادي، في حين كان العام 2009 بداية ركود اقتصادي.[32]
وتشير
التقديرات إلى أنه من الواضح أن المدة الزمنية للحرب على قطاع غزة، إضافة لحجم
تجنيد الاحتياط، علاوة على مصاريف لم يكن مخططا لها خلال الحرب، كل ذلك يضاف
لتكاليف الحرب نفسها.
حرب
2014 م يشار إلى أن الحرب
الإسرائيلية على غزة في العام 2014، سميت بـ"الجرف الصامد"، واستمرت نحو 51 يوما، وتسببت
في ضرر كبير على الاقتصاد الإسرائيلي، بلغ حجمه حوالي 0.3٪ من الناتج المحلي
الإجمالي لإسرائيل، آنذاك.
وذكر مصدر وزارة المالية
الإسرائيلية أنه من المتوقع أن يصل حجم الخسائر التي سببتها الحرب الإسرائيلية على
قطاع غزة على الاقتصاد الإسرائيلي إلى حوالي 0.5% من الناتج
المحلي الإجمالي للبلاد، وذلك خلال الـ 11 يوما الماضية فقط.[33]
وأكدت الصحيفة العبرية أن إجمالي خسائر بلادها المباشرة خلال تلك
الحرب على قطاع غزة، بلغ نحو 7 مليارات شيكل (2.2 مليار دولار أمريكي)، مشيرة إلى
أن الحرب على غزة في العام 2014 "الجرف الصامد" بلغت 12 مليار شيكل، وهو
ثلاثة أضعاف ما كانت عليه في الحرب الإسرائيلية الأولى على قطاع غزة، في
ديسمبر/كانون الأول 2008- يناير/كانون الثاني 2009، والمعروفة باسم "الرصاص
المصبوب".
حرب 2021م تشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن الخسائر
التي تكبدتها الجبهة الداخلية والقطاع الخاص والعام، والأضرار بالممتلكات الخاصة
العامة والناجمة عن الحملة العسكرية "حارس الأسوار" ستكون أضعاف الخسائر
التي تكبدها الاقتصاد خلال عملية "الرصاص المصبوب" عام 2014 التي امتدت
على 51 يوما من القتال.[34]
من جانبها، رصدت صحيفة "ذا ماركر" الاقتصادية
الخسائر والأضرار الأولية والشلل التجاري والاقتصادي والتعليمي الذي ضرب إسرائيل،
إذ قدرت خسائر سوق المال والبورصة في تل أبيب بحوالي 28%، وقد توقف 30% من المصانع
والورش في مستوطنات "غلاف غزة" عن العمل بشكل كلي، في وقت توقفت 17% من
المصانع في باقي المناطق جنوبي إسرائيل ومنطقة تل أبيب عن العمل بشكل جزئي، كما
عطلت الدراسة في 70% من المدارس والجامعات والمؤسسات التعليمية.
وأوضحت الصحيفة -في إشارة منها إلى الأضرار غير المباشرة
التي لا يمكن جردها إلا بعد انتهاء الحرب والتداعيات المرتقبة على الاقتصاد
الإسرائيلي- تعليق الطيران في مطاري "بن غوريون" في اللد
و"رامون" في أم الرشراش (إيلات) مما دفع بالشركات العالمية إلى إلغاء
آلاف الرزم السياحية التي كانت مقررة للفنادق الإسرائيلية في مايو/أيار الجاري.
وتطرقت إلى الخسائر في قطاع الطاقة الناجمة عن استهداف
منشآت الطاقة جنوبي إسرائيل، وتعليق العمل في حقل "تمار" للغاز الطبيعي
قبالة سواحل حيفا والذي تقدر احتياطاته من الغاز بنحو 300 مليار متر مكعب، بقرار
من وزير الطاقة يوفال شتاينتز.
المبحث الثاني: التأثير الاقتصادي:
حين كانت تندلع كل حرب على غزة بين
2008-2014، كان يمر الاقتصاد الإسرائيلي بفترة تخوف من تأثره بالأزمات الاقتصادية،
وجاء تأثير الحرب والمقاومة سريعا، إذ توقف النمو في بعض القطاعات الاقتصادية،
وتحول إلى تراجع وكساد، وأخذ الفرد الإسرائيلي يخسر من دخله ومن المستوى الذي حصل
عليه طوال فترة الازدهار الماضية، كما أخذ معدل البطالة يزداد.
علما بأن الاقتصاد الإسرائيلي كان يضاهي
في تطوره اقتصاديات الدول الصناعية، وكان يمكن لهذا المعدل أن يتجاوز هذا المستوى،
لولا انفجار الحروب التي وضعت المجتمع الإسرائيلي في حالة من الاضطراب، والتوتر
الأمني، والانشغال بالمواجهة مع الشعب الفلسطيني، كل ذلك أثر سلبا على القطاعات
الأكثر حساسية للتوتر الأمني، كالسياحة، والاستثمار، والصناعة، والزراعة، والتشييد
والبناء.
وكبدت المقاومة الإسرائيليين أثمانا
اقتصادية باهظة رغم محاولات الحكومات المتعاقبة التقليل منها، مما دفع المحلل
الاقتصادي "سيفر بلوستسكر" للقول: بدأ التدهور في الاقتصاد من اليوم
الأول الذي بدأت فيه كل حرب، وكلفت المقاومة الاقتصاد الإسرائيلي مليارات
الدولارات، ومست عملياتها بجميع نواحي الاقتصاد.
وبسبب الخوف من المقاومة حدث انخفاض في
عدد الإسرائيليين الذين يتجهون إلى شبكات التسوق الكبيرة، لاسيما في المدن
الجنوبية، عسقلان وبئر السبع وسديروت ونتيفوت.
وحسب معطيات اتحاد الغرف التجارية فقد طرأ
انخفاض بنسبة 35% على أرباح شبكات التسوق الكبيرة بسبب تقلص عدد الذين يتجهون
إليها، بعد أن شكلت تلك المدن هدفا لعمليات المقاومة، كما أدت إلى تقلص عدد
الإسرائيليين الذين يقضون إجازاتهم في المنتجعات السياحية في تلك المناطق بنسبة
43%.
من جهة أخرى، أفادت شركة النقل العام
الرئيسة المعروفة باسم "إيغد" أنها واجهت انخفاضا كبيرا في عدد
الإسرائيليين الذين يستخدمون حافلاتها المتجهة جنوبا، مما نجم عن خسائر فادحة
كبيرة، بسبب الانخفاض الكبير في الإقبال على استخدام هذه الحافلات بنسبة 43%.
كما عانت المرافق السياحية ودور الترفيه
والمطاعم من موجة صواريخ المقاومة، بحيث تم إلغاء الكثير من الحجوزات في الفنادق
والمطاعم، وألغيت الكثير من الحفلات، وطرأ انخفاض واضح على عدد الذين يحتفون
بمناسباتهم في الفنادق والمطاعم وصالات اللهو الكبيرة بنسبة 61%، وطرأ انخفاض كبير
على عدد الشبان والذين يتجهون للمراقص الليلية بنسبة 59% بعد استهدافها من قبل
المقاومين.
وهكذا جاء الخوف من صواريخ المقاومة
ليتراكم فوق مشاكل الأزمات الاقتصادية التي تمر بها إسرائيل، ورجع جزء منها إلى ما
ألحقته الحروب على غزة من خسائر في الاقتصاد الإسرائيلي، وتسبب حالة من الكساد
التجاري في الأسواق، والمحلات والمطاعم التي أصبحت شبه خالية، وصالات الأفراح التي
أصبح لا يرتادها سوى المقربين من العريسين!
وفي حين توقع مراقبون اقتصاديون أن تؤدي
هذه الخسائر الاقتصادية إلى قيام معارضة في الشارع الإسرائيلي لسياسة الحكومة
الملتزمة بالمواجهة العسكرية مع حركة حماس بهدف القضاء عليها، لكن ما حدث كان
العكس تماما، حيث ازداد تأييد الإسرائيليين للسياسة الحكومية الرسمية بسحق خيار
المقاومة بالقوة.
المبحث الثالث: التأثير الاجتماعي:
أدى
استخدام المقاومة لمختلف الأساليب القتالية خلال الأعوام الأخيرة بين عامي 2005-2021
إلى خشية الجنود الإسرائيليين أن يكونوا هدفا دائما لرجالها، مما عمل على شيوع
ظاهرة خطيرة في أوساط الجيش الإسرائيلي وهي التهرب من الخدمة العسكرية، وعدم تنفيذ
المهام القتالية التي يكلفون بها، خشية من قتلهم بين لحظة وأخرى برصاص المقاومين.
فضلا
عن ذلك، انتشرت في أوساط الجنود الذين خدموا في قطاع غزة خلال الحروب الأخيرة،
ظاهرة جديدة تتمثل في "طقوس الموت"، حيث يقومون بقراءة نصوص من التوراة
على الجندي المرشح للموت، واستكمال باقي الإجراءات التي تتم مع الموت الحقيقي.
وتم
تكليف رئيس قسم القوى البشرية في الجيش الإسرائيلي بالعمل للحد من هذه الظاهرة،
حيث اقترح خطة تهدف لتقليص حيازة الأسلحة بين الجنود العاملين في الوحدات
الداخلية، أو الذين يمرون بدورات تأهيل غير هجومية.
وقد
تحدثت تقارير أمنية عن حالات الضعف المسيطرة على الجيش الإسرائيلي، وكانت بداية
الصدمة في التقرير السنوي لمراقب الدولة الذي بات ينشر بعد كل حرب، وشكل فضيحة
للمؤسسة العسكرية، إذ أظهر انعدام الجاهزية لدى الجيش، سواء على صعيد التخطيط
وإدارة الموارد، أو الاستعداد للحرب المعلوماتية، أو مواجهة صواريخ القسام القادمة
من الفلسطينيين.
من
جهة أخرى، فقد كان للمقاومة خلال الحرب الإسرائيلية على غزة آثار بعيدة المدى على
الداخل الإسرائيلي، وجدت ترجمتها على أرض الواقع من خلال بحث الكثيرين من
الإسرائيليين عن أماكن ودول وأراض أكثر أمنا، بعد أن تحول العيش في إسرائيل إلى
كابوس مرعب لا يطاق، وبعد انكماش اقتصادي متفاقم، رغم أن هؤلاء المهاجرين خارج
البلاد وصفهم "إسحق رابين" ذات مرة بأنهم "نفاية الضعفاء"، في
ضوء أن الهجرة للخارج كانت تعد إلى أمد قريب من المحرمات الكبرى في المجتمع
الإسرائيلي.
وبناء
على استطلاع خاص أجراه معهد "موتغيم" شمل 14% من الجمهور اليهودي الراشد
ممن تتراوح أعمارهم بين 45-54 عاما، راغبون بالهجرة من إسرائيل.[35]
علما
بأن ما يميز جميع من يطلبون الاستشارة للهجرة هو: الفزع، الخوف، الهستيريا،
الإحساس بالعجز، القلق، الخوف من الغد، يقولون: معظم آبائنا ناجون من الكارثة
النازية، نحن نحب البلاد، لكننا لم نعد قادرين على التحمل، لقد أصابنا الانهيار،
فقدنا الأمل، بتنا نخاف من نشوب حرب كبرى، ونخاف على مصير أولادنا! نحن خجولون من
طلب الهجرة ... ولكن ماذا نفعل؟
من
جهته يقول "شلومو منور" المسئول عن شعبة أميركا الشمالية في شبكة
"ريمكس" لتجارة العقارات، أن الوضع الأمني بعد تزايد مديات صواريخ
المقاومة أدى إلى موجة اهتمام بشراء العقارات في الخارج، وتقترب الزيادة من 30%
حيث يعطيهم المنزل في الخارج اطمئنانا نفسيا، وهم أساسا من سكان مدن تل أبيب،
رامات هشارون، كفار سابا، وهي المناطق التي تركزت فيها العمليات.
ويذكر
هؤلاء أسباب مغادرتهم وشراء منزل في الخارج أن أهمها فقدان الأمن الشخصي، حيث يقول
أحدهم: لقد وصلنا إلى وضع صرنا فيه غير قادرين على الجلوس في مقهى![36]
ويقول
آخر: نحن الذين نغادر العاقلون، والذين يبقون في إسرائيل هم المجانين! إننا نؤمن
بالفكرة الصهيونية، لكننا تنازلنا عن وظائف ممتازة في فلوريدا حين هاجرنا إلى
إسرائيل، لكن عندما يقع انفجار تحت أسماعنا وأبصارنا فإننا نصاب بالانهيار، ولذلك
فور سقوط أي صاروخ تبدأ الاتصالات الهاتفية من أهالينا وذوينا الذين بقوا هناك
يسألوننا: ماذا تفعلون هناك في إسرائيل ؟ متى سترجعون إلى البيت؟!
من
جهته، اختار أستاذ علم النفس في جامعة تل أبيب عنوانا بليغا لدراسته نشرها في إحدى
المجلات العلمية الإسرائيلية، وهو: كئيبون...عاجزون...لماذا؟ قال فيه: لقد أصبح
المزاج الإسرائيلي خلال الحرب على غزة مجموعة من التوقعات أبرزها: التعرض لحوادث
مقيتة، الفشل في إيجاد حل، نشوء توقعات سلبية! كلها باتت تكون لدى الإسرائيليين
شعورا جديدا اسمه: العجز المكتسب.
وأكد
تقرير أصدرته دائرة الإحصاء المركزية أن الهجرة اليهودية إلى إسرائيل تشهد انخفاضا
حادا، لكنه سجل انخفاضا غير مسبوق العام الحالي لم تشهده إسرائيل والحركة
الصهيونية منذ أكثر من 22 عاما.
وقالت
الدائرة، إن عدد المهاجرين اليهود إلى إسرائيل بلغ 13500 مهاجر، بعد أن بلغ عام
2007 حوالي 18300 مهاجر، وفي العام 2006 حوالي 19 ألف مهاجر، وفي العام 2005، 21
ألف مهاجر، مما يعني ان الهجرة في هذا العام انخفضت بنسبة 25% عن العام 2007، و36%
عن العام 2005.
فيما
دعا مستوطنو "نتيفوت" جيش الاحتلال للمزيد من الغارات على قطاع غزة لوقف
إطلاق الصواريخ، وقال أحد سكان المدينة الواقعة على مشارف صحراء النقب: ينبغي ان
يتوقف سقوط الصواريخ نهائيا، طالما لم ننعم نحن بالطمأنينة، لن يذوقها سكان غزة.
وتناولت
صحيفة التايمز موضوع الهجرات الإسرائيلية من بعض المدن الحدودية التي شكلت الهدف
المفضل لصواريخ المقاومة، وجاء في التقرير الذي أعده مراسلها "جيمس
هايدر" الذي حرر موضوعه من بئر السبع، أن حجم ومدى الصواريخ التي تطلق من غزة
أجبرت الكثير من الإسرائيليين على الفرار من المدينة، حيث غادرها ما بين 30-40% من
السكان إلى مدن تل أبيب أو إيلات.
وذكرت
صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن السلطات قررت إنشاء مركز جديد للدعم النفسي،
وعلاج الأمراض النفسية في مدينة بئر السبع، بعد وصول مدى الصواريخ إلى قلب تلك المدينة
المزدحمة بالسكان.
وقالت
إن السلطات الإسرائيلية سارعت بإنشاء هذا المركز، بعد تزايد إصابة الإسرائيليين
بحالات الهلع والخوف المتباينة، جراء سقوط صواريخ المقاومة على المدينة، كاشفة عن
استقبال المركز لأكثر من 300 حالة إصابة بأمراض نفسية مختلفة لمواطنين.
وأشارت
مصادر مطلعة أن عددا كبيرا من الفارين الإسرائيليين من بلدة سديروت وجّهوا رسالة
للسفارة الكندية بتل أبيب مطالبينها بمنحهم بطاقات هجرة إليها، وموجهين نداء
للسفير الكندي في رسالتهم أشاروا إلى استحالة العيش مرة أخرى في جوار غزة، وفي
دولة لم تعد آمنة، وتهزم أمام منظمة مسلحة صغيرة.
وكشفت
تقارير صحفية إسرائيلية أن التجمعات السكنية التي تقع على الحدود مع غزة أصبحت
"مدن أشباح"؛ حيث يعم الهدوء الرهيب بها، وخاصة "سيديروت"،
التي أغلقت 99% من مصانعها بطلبٍ من قيادة المنطقة الجنوبية، لأن الشوارع كلها
خالية من المارة؛ حيث يقبع كل السكان في ملاجئهم المحصنة، وبعض السكان فضَّل أن
يترك المدينة وتوجه لقرى الشمال لعله يجد بعض الهدوء النسبي والأمن.
وذكرت
صحيفة "التايمز" أن هناك مخاوف متزايدة من احتمال أن تبلغ الصواريخ التي
تطلقها حركة حماس، المفاعل النووي في ديمونة، لاسيما وأن الهجمات الصاروخية من غزة
أدهشت قادة الجيش جراء حجم وقدرات الترسانة العسكرية لدى حماس، ما دفع بمسئولي
مدينة تل أبيب للبدء باتخاذ سلسلة من الإجراءات استعدادا لإعلان الطوارئ،
استعداداً لسيناريو خاص بأسوأ الحالات، وهو فرض حالة الطوارئ بالمدينة، حيث بدأوا بتجهيز
الملاجئ في المئات من البنايات المرتفعة بكافة أنحاء المدينة.
النتائج:
1- أن الانسحاب الإسرائيلي من غزة وتفكيك مستوطناته
جاء نتيجة العمل المقاوم.
2- اختار الشعب الفلسطيني خيار المقاومة على
التفاوض وبذلك فازت حركة حماس بالانتخابات المحلية.
3- شكلت حكومة حماس درعاً حاميا لمشروع المقاومة.
4- طورت المقاومة من ادواتها وأساليبها المختلفة
مما أثر سلباً على "إسرائيل" وفاجأه في كل جولع تصعيد أو عدوان.
5- عملت المقاومة على تفتيت نظرية الامن
"الإسرائيلي" فنقلت القتال جزئياً الى ارض العدو من خلال الانفاق الهجومية
عام 2014 وكذلك جعلت الحرب طويلة غير محسومة من قبل العدو، أيضاً في مايو 2021
شكلت له صدمة وأفشلت نظرية الأنظار المبكر.
الخاتمة:
لقد
خسر الإسرائيليون في حربهم على غزة أكثر مما توقعوا، فعلاوة على القتلى والجرحى،
الذين يزداد عددهم، في كل حرب، مستويات غير مسبوقة، خسر الاقتصاد الكثير وفق
تقديرات صندوق النقد الدولي، واستمرت خسائرهم في الارتفاع مع استمرار العدوان
لفترة طويلة، مع تباطؤ معدل النمو الاقتصادي، وتكبد قطاعا السياحة والشركات
الصغيرة والمتوسطة في الجنوب أكبر الخسائر، بجانب الخسائر المادية والمعنوية التي
ترتبت عن إعلان عشرات شركات الطيران العالمية الأميركية والأوروبية تعليق رحلاتها
لمطار بن غوريون.
هذه
سابقة ليس لها شبيه من قبل، لأن الحروب على القطاع كانت تأت في ذروة المواسم
السياحية، مما كبّد الإسرائيليين خسائر ليست بالبسيطة، فقد توقعت شركة طيران
"العال" هبوطاً متزايداً في عائداتها، وشهدت أسعار تذاكر الطيران من
وإلى الكيان الإسرائيلي ارتفاعاً كبيراً بسبب قلة الرحلات، مما أصاب رجال الأعمال
والسياح والمسافرين بخسائر مالية مباشرة.
التوصيات:
لقد
ظهر جلياً التـأثيرات الاستراتيجية للمقاومة الفلسطينية التي تقودها (حماس) علـى
الأمن القومي (الإسرائيلي)، وبناء على النتائج التي
توصل إليها الباحث فإنه يوصـي بمـا يلي
1- ضرورة تعزيز
قوة المقاومة في شتى المجالات.
2- التوجه نحو اعتماد المقاومة المسلحة كخيار
استراتيجي للصراع مع (إسرائيل).
3- التركيز على التعبئة الإعلامية للمجتمع
الدولي لتعرية (إسرائيل) أمامه.
4- إيجاد مرجعية قانونية للمقاومة الفلسطينية .
5- دعم حركات المقاومة والعمل على تثبيت
أركان حكمها لما تشكله من تهديد استراتيجي على الكيان الصهيوني.
[1] تعريف
و معنى الأمن في معجم المعاني الجامع https://cutt.us/WNxoW
[2] ابن
منظور، لسان العرب، ج ١٣ - صفحة
٢١
[3] الموسوعة الجزائرية، قراءة
في مفهوم ونظريات الأمن الدولي https://cutt.us/DFwIj
[4] الموسوعة الجزائرية، قراءة
في مفهوم ونظريات الأمن الدولي https://cutt.us/DFwIj
[5] لخميـسي، شـيبــي مفهوم الأمن ومقوماته https://cutt.us/9ugZv
[6] د.حسين
رحيل محمد، معضلة الأمن القومي الليبي بوابة افريقيا https://cutt.us/i7KNa
[7] د.حسين
رحيل محمد، معضلة الأمن القومي الليبي بوابة افريقيا https://cutt.us/i7KNa
[8] الموسوعة السياسية، الأمن
القومي - National Security https://cutt.us/DpJUt
[9] الموسوعة السياسية، الأمن
القومي - National Security https://cutt.us/DpJUt
[10] حركة المقاومة الإسلامية
حماس https://cutt.us/XFrNn
[11] موقع وزارة الخارجية ال"إسرائيل"ي-
التعاظم العسكري لحركة حماس في قطاع غزة https://cutt.us/LD57j
[12] موقع وزارة الخارجية ال"إسرائيل"ي-
التعاظم العسكري لحركة حماس في قطاع غزة https://cutt.us/LD57j
[13] وكالة معاً موسى ابو
مرزوق: الموقف الأردني استجابة للضغوط الامريكية
https://www.maannews.net/news/24309.html
[14] وكالة مهر للانباء امير
قطر يوكد ضروره دعم " حماس " امير قطر يوكد ضروره دعم " حماس " - Mehr News Agency
[15] البيان الاماراتية وساطة قطرية بين الأردن و"حماس" https://www.albayan.ae/one-world/2006-02-21-1.893489
[16] البيان الاماراتية وساطة قطرية بين الأردن و"حماس" https://www.albayan.ae/one-world/2006-02-21-1.893489
[17] البيان الاماراتية وساطة قطرية بين الأردن و"حماس" https://www.albayan.ae/one-world/2006-02-21-1.893489
[18] موقع الأمم المتحدة
الاخباري -اللجنة الرباعية تشترط تقديم الدعم للحكومة الفلسطينية https://news.un.org/ar/story/2006/01/49352
[19]
صالح، محسن، القضية الفلسطينية خلفياتها التاريخية وتطوراتها المعاصرة، ص .128-129
[20] الفاعوري،
أحمد، التحولات الاقليمية العربية وأثرها على نظرية الأمن "الإسرائيلي"
في الفترة (2001-2012) ص 101
[21] أبو عامر، عدنان،
لهذا السبب كان قرار الانسحاب من غزة عام 2005 https://cutt.us/oVSEZ
[22] الفاعوري،
أحمد، التحولات الاقليمية العربية وأثرها على نظرية الأمن ال"إسرائيل"ي
في الفترة (2001-2012) ص 101
[23] موسوعة
أحداث فلسطينية حرب ۲۰۱۲ على غزة https://pal-encyclopedia.org/archives/143
[24] الجزيرة العدوان "الإسرائيلي"
على غزة 2014 https://cutt.us/GJ9Xp
[25] محمد ماجد،الاناضول، الذكرى الثالثة لحرب (2014) على غزة https://cutt.us/esCBl
[26] معهد الجزيرة للدراسات، مسيرات
العودة الكبرى وتأثيراتها على ديناميات القضية الفلسطينية https://cutt.us/fVwMR
[27] الرجوب،
عوض، الأناضول، عدوان
"إسرائيل" ۲۰۲۱ على
غزة https://cutt.us/ab5gu
[28] مسلك، بعد عشر سنوات https://cutt.us/I88oZ
[29]فلسطين أون لاين، "حد السيف" تبدد وهم "سيرت متكال" https://cutt.us/5OMpH
[30] مسلك، بعد عشر سنوات https://cutt.us/I88oZ
[31] شلومو
سبيرسكي، كلفة الحرب للمجتمع
الإسرائيلي
[32] عدنان أبو عامر، الخسائر الإسرائيلية خلال الحرب على غزة https://cutt.us/Q48P1
[33] سبوتنيك، رقم ضخم... حجم خسائر إسرائيل من الحرب على غزة في
11 يوما https://cutt.us/WYVfi
[34] الجزيرة،الأرقام في تزايد..
الحرب على غزة تكلف إسرائيل خسائر اقتصادية هائلة https://cutt.us/gr6y9
[35] أبو عامر، عدنان هذه هي
تأثيرات المقاومة على الجيش والمجتمع في إسرائيل. https://cutt.us/zAKQi
[36] أبو عامر، عدنان هذه هي
تأثيرات المقاومة على الجيش والمجتمع في إسرائيل. https://cutt.us/zAKQi
تعليقات
إرسال تعليق